قوله تعالى :
كتاب فصلت آياته .
( كتاب ) خبر مبتدإ محذوف ، أي : هذا كتاب ، والكتاب فعال بمعنى مفعول ، أي مكتوب .
وإنما قيل له ( كتاب ) لأنه مكتوب في اللوح المحفوظ ، كما قال - تعالى - :
بل هو قرآن مجيد في لوح محفوظ [ 85 \ 21 - 22 ] .
ومكتوب أيضا في صحف عند الملائكة ; كما قال - تعالى - :
كلا إنها تذكرة فمن شاء ذكره في صحف مكرمة مرفوعة مطهرة بأيدي سفرة كرام بررة [ 80 \ 11 - 16 ] .
وقال - تعالى - في قراءة النبي - صلى الله عليه وسلم - لما تضمنته الصحف المكتوب فيها القرآن :
رسول من الله يتلو صحفا مطهرة فيها كتب قيمة ) [ 98 \ 2 - 3 ] .
وقوله - تعالى - في هذه الآية الكريمة :
فصلت آياته التفصيل ضد الإجمال ، أي
فصل الله آيات هذا القرآن ، أي بينها وأوضح فيها ما يحتاج إليه الخلق من أمور دينهم ودنياهم .
والمسوغ لحذف الفاعل في قوله - تعالى - :
فصلت آياته هو العلم بأن تفصيل آيات هذا القرآن لا يكون إلا من الله وحده .
وما تضمنته هذه الآية الكريمة من تفصيل آيات هذا الكتاب ، جاء موضحا في آيات أخر ، مبينا فيها أن الله فصله على علم منه ، وأن الذي فصله حكيم خبير ، وأنه فصله ليهدي
[ ص: 4 ] به الناس ويرحمهم ، وأن تفصيله شامل لكل شيء ، وأنه لا شك أنه منزل من الله ، كقوله - تعالى - :
ولقد جئناهم بكتاب فصلناه على علم هدى ورحمة لقوم يؤمنون [ 7 \ 52 ] وقوله - تعالى - :
كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير [ 11 \ 1 ] . وقوله - تعالى - :
وما كان هذا القرآن أن يفترى من دون الله ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين [ 10 \ 37 ] ، وقوله - تعالى - :
ما كان حديثا يفترى ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل كل شيء وهدى ورحمة لقوم يؤمنون [ 11 \ 111 ] ، وقوله - تعالى - :
أفغير الله أبتغي حكما وهو الذي أنزل إليكم الكتاب مفصلا [ 6 \ 114 ] ، والآيات بمثل ذلك كثيرة .