قوله - تعالى - :
فريق في الجنة وفريق في السعير .
[ ص: 47 ] ما دلت عليه هذه الآية الكريمة من أن
الله خلق الخلق ، وجعل منهم فريقا سعداء ، وهم أهل الجنة ، وفريقا أشقياء وهم أصحاب السعير ، جاء موضحا في آيات أخر ، كقوله - تعالى - :
هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن [ 64 \ 2 ] . وقوله - تعالى - :
ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم [ 11 \ 118 - 119 ] ، أي ولذلك الاختلاف إلى مؤمن وكافر وشقي وسعيد - خلقهم - على الصحيح - . ونصوص الوحي الدالة على ذلك كثيرة جدا .
وقد ذكرنا في كتابنا : " دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب " - وجه الجمع بين قوله :
ولذلك خلقهم [ 11 \ 119 ] على التفسير المذكور ، وبين قوله
وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون [ 51 \ 56 ] . وسنذكر ذلك - إن شاء الله - في سورة " الذاريات " .
وقد قدمنا معنى السعير بشواهده العربية في أول سورة " الحج " في الكلام على قوله - تعالى - :
ويهديه إلى عذاب السعير الآية [ 22 \ 4 ] . والجنة في لغة العرب البستان .
ومنه قول
زهير بن أبي سلمى :
كأن عيني في غربي مقتلة من النواضح تسقي جنة سحقا
فقوله : جنة سحقا ، يعني بستانا طويل النخل ، وفي اصطلاح الشرع هي دار الكرامة التي أعد الله لأوليائه يوم القيامة .
والفريق : الطائفة من الناس ، ويجوز تعدده إلى أكثر من اثنين ، ومنه قول
نصيب : فقال فريق القوم ، لا وفريقهم نعم ، وفريق قال ويحك ما ندري
والمسوغ للابتداء بالنكرة في قوله : (
فريق في الجنة ) ، أنه في معرض التفصيل .
ونظيره من كلام العرب قول
امرئ القيس :
فلما دنوت تسديتها فثوبا نسيت وثوبا أجر