قوله - تعالى - :
وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله .
ما دلت عليه هذه الآية الكريمة من أن
ما اختلف فيه الناس من الأحكام فحكمه إلى الله وحده ، لا إلى غيره - جاء موضحا في آيات كثيرة .
[ ص: 48 ] فالإشراك بالله في حكمه كالإشراك به في عبادته ، قال في حكمه :
ولا يشرك في حكمه أحدا [ 18 \ 26 ] . وفي قراءة
ابن عامر من السبعة ولا تشرك في حكمه أحدا بصيغة النهي .
وقال في الإشراك به في عبادته :
فمن كان يرجوا لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا [ 18 \ 110 ] ، فالأمران سواء كما ترى إيضاحه - إن شاء الله - .
وبذلك تعلم أن الحلال هو ما أحله الله ، والحرام هو ما حرمه الله ، والدين هو ما شرعه الله ، فكل تشريع من غيره باطل ، والعمل به بدل تشريع الله عند من يعتقد أنه مثله أو خير منه - كفر بواح لا نزاع فيه .
وقد دل القرآن في آيات كثيرة على أنه لا حكم لغير الله ، وأن اتباع تشريع غيره كفر به ، فمن الآيات الدالة على أن الحكم لله وحده قوله - تعالى - :
إن الحكم إلا لله أمر ألا تعبدوا إلا إياه [ 12 \ 40 ] . وقوله - تعالى - :
إن الحكم إلا لله عليه توكلت الآية [ 12 \ 67 ] . وقوله - تعالى - :
إن الحكم إلا لله يقص الحق وهو خير الفاصلين [ 6 \ 57 ] . وقوله :
ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون [ 5 \ 44 ] . وقوله - تعالى - :
ولا يشرك في حكمه أحدا [ 18 \ 26 ] . وقوله - تعالى - :
كل شيء هالك إلا وجهه له الحكم وإليه ترجعون [ 28 \ 88 ] . وقوله - تعالى - :
له الحمد في الأولى والآخرة وله الحكم وإليه ترجعون [ 28 \ 70 ] . والآيات بمثل ذلك كثيرة .
وقد قدمنا إيضاحها في سورة " الكهف " في الكلام على قوله - تعالى - :
ولا يشرك في حكمه أحدا [ 18 \ 26 ] .
وأما الآيات الدالة على أن
اتباع تشريع غير الله المذكور كفر ، فهي كثيرة جدا ، كقوله - تعالى - :
إنما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون [ 16 \ 100 ] . وقوله - تعالى - :
وإن أطعتموهم إنكم لمشركون [ 16 \ 121 ] . وقوله - تعالى - :
ألم أعهد إليكم يابني آدم أن لا تعبدوا الشيطان الآية [ 36 \ 60 ] . والآيات بمثل ذلك كثيرة جدا ، كما تقدم إيضاحه في " الكهف " .