قوله - تعالى - :
يستعجل بها الذين لا يؤمنون بها والذين آمنوا مشفقون منها ويعلمون أنها الحق .
ذكر - تعالى - في هذه الآية الكريمة ثلاث مسائل : الأولى : أن
الكفار الذين لا يؤمنون بالساعة يستعجلون بها ، أي يطلبون تعجيلها عليهم ، لشدة إنكارهم لها .
والثانية : أن
المؤمنين مشفقون منها ، أي خائفون منها .
والثالثة : أنهم يعلمون أنها الحق ، أي أن قيامها ووقوعها حق لا شك فيه .
وكل هذه المسائل الثلاث المذكورة في هذه الآية الكريمة جاءت موضحة في غير هذا الموضع .
أما استعجالهم لها فقد قدمنا الآيات الموضحة له في سورة " الرعد " في الكلام على قوله - تعالى - :
ويستعجلونك بالسيئة قبل الحسنة وقد خلت من قبلهم المثلات [ 13 \ 6 ] . وفي غير ذلك من المواضع .
وأما المسألة الثانية التي هي إشفاق المؤمنين وخوفهم من الساعة ، فقد ذكره في مواضع أخر ، كقوله - تعالى - :
الذين يخشون ربهم بالغيب وهم من الساعة مشفقون [ 21 \ 49 ] . وقوله - تعالى - :
يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار [ 24 \ 37 ] . وقوله - تعالى - :
يوفون بالنذر ويخافون يوما كان شره مستطيرا [ 76 \ 7 ] .
وأما المسألة الثالثة وهي علمهم أن الساعة حق ، فقد دلت عليه الآيات المصرحة بأنها لا ريب فيها ; لأنها تتضمن نفي الريب فيها عن المؤمنين .
والريب : الشك ، كقوله - تعالى - عن الراسخين في العلم :
ربنا إنك جامع الناس ليوم لا ريب فيه الآية [ 3 \ 9 ] . وقوله - تعالى - :
الله لا إله إلا هو ليجمعنكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه الآية [ 4 \ 87 ] . وقوله - تعالى - :
فكيف إذا جمعناهم ليوم لا ريب فيه الآية [ 3 \ 25 ] . وقوله - تعالى - :
وتنذر يوم الجمع لا ريب فيه الآية [ 42 \ 7 ] . وقوله - تعالى - :
[ ص: 69 ] ذلك بأن الله هو الحق وأنه يحيي الموتى وأنه على كل شيء قدير وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور [ 22 \ 6 - 7 ] . إلى غير ذلك من الآيات .