قوله - تعالى - : وإن الظالمين بعضهم أولياء بعض .
قد قدمنا في هذا الكتاب المبارك مرارا أن
الظلم في لغة العرب أصله وضع الشيء في غير موضعه .
وأن أعظم أنواعه الشرك بالله ; لأن وضع العبادة في غير من خلق ورزق هو أشنع أنواع وضع الشيء في غير موضعه .
ولذا
كثر في القرآن العظيم إطلاق الظلم بمعنى الشرك ، كقوله - تعالى - : والكافرون هم الظالمون [ 2 \ 254 ] . وقوله - تعالى - :
ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك فإن فعلت فإنك إذا من الظالمين [ 10 \ 106 ] . وقوله - تعالى - :
ويوم يعض الظالم على يديه يقول ياليتني اتخذت مع الرسول سبيلا [ 25 \ 27 ] . وقوله - تعالى - عن
لقمان :
يابني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم [ 31 \ 13 ] . وقد ثبت في صحيح
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=hadith&LINKID=1009407أن النبي - صلى الله عليه وسلم - فسر قوله - تعالى - : الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم [ 6 \ 82 ] بأن معناه : ولم يلبسوا إيمانهم بشرك .
وما تضمنته آية " الجاثية " هذه من أن
الظالمين بعضهم أولياء بعض - جاء مذكورا في غير هذا الموضع ، كقوله - تعالى - في آخر " الأنفال " :
والذين كفروا بعضهم أولياء بعض إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير [ 8 \ 73 ] . وقوله - تعالى - :
وكذلك نولي بعض الظالمين بعضا بما كانوا يكسبون [ 6 \ 129 ] . وقوله - تعالى - :
والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات [ 2 \ 257 ] . وقوله - تعالى - :
إنهم اتخذوا الشياطين أولياء من دون الله الآية [ 7 ] . وقوله - تعالى - :
فقاتلوا أولياء الشيطان الآية [ 4 \ 76 ] . وقوله - تعالى - :
إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه [ 3 \ 175 ] . وقوله :
[ ص: 201 ] إنما سلطانه على الذين يتولونه الآية [ 16 \ 100 ] . إلى غير ذلك من الآيات .