وأما
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رحمه الله فإنه اختار من
هيئات صلاة الخوف أربعا :
إحداها : هي التي ذكرنا آنفا عند اشتداد الخوف والتحام القتال ، حتى لا يمكن لأحد منهم ترك القتال ، فإنهم يصلون كما ذكرنا رجالا وركبانا إلخ الهيئة .
الثانية : هي التي صلاها - صلى الله عليه وسلم -
ببطن نخل ، وهي أن يصلي بالطائفة الأولى صلاتهم كاملة ثم يسلمون جميعهم : الإمام والمأمومون ثم تأتي الطائفة الأخرى التي كانت في وجه العدو فيصلي بهم مرة أخرى هي لهم فريضة وله نافلة ، وصلاة
بطن نخل هذه رواها
جابر وأبو بكرة ، فأما حديث
جابر فرواه
مسلم أنه صلى مع النبي - صلى الله عليه وسلم - صلاة الخوف ، فصلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بإحدى الطائفتين ركعتين ثم صلى بالطائفة الأخرى ركعتين ، فصلى
[ ص: 257 ] رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أربع ركعات وصلى بكل طائفة ركعتين .
وذكره
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري مختصرا ورواه
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي nindex.php?page=showalam&ids=13114وابن خزيمة من طريق
الحسن عن
جابر وفيه أنه سلم من الركعتين أولا ثم صلى ركعتين بالطائفة الأخرى .
وأما حديث
أبي بكرة فرواه
أبو داود nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان والحاكم nindex.php?page=showalam&ids=14269والدارقطني ، وفي رواية بعضهم أنها الظهر ، وفي رواية بعضهم أنها المغرب ، وإعلال
nindex.php?page=showalam&ids=12858ابن القطان لحديث
أبي بكرة هذا بأنه أسلم بعد وقوع صلاة الخوف بمدة ، مردود بأنا لو سلمنا أنه لم يحضر صلاة الخوف فحديثه مرسل صحابي ومراسيل الصحابة لهم حكم الوصل كما هو معلوم ، واعلم أن حديث
أبي بكرة ليس فيه أن ذلك كان
ببطن نخل .
وقد استدل
الشافعية بصلاة بطن نخل هذه على جواز
صلاة المفترض خلف المتنفل .
واعلم أن هذه الكيفية التي ذكرنا أنها هي كيفية صلاة بطن نخل كما ذكره
النووي nindex.php?page=showalam&ids=16609وابن حجر وغيرهما ، قد دل بعض الروايات عند
مسلم nindex.php?page=showalam&ids=12070والبخاري وغيرهما ، على أنها هي صلاة ذات الرقاع ، وجزم
ابن حجر بأنهما صلاتان ، والله تعالى أعلم .
وقد دل بعض الروايات على أن صلاة نخل هي صلاة
عسفان ، والله تعالى أعلم .
الهيئة الثالثة : من الهيئات التي اختارها
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : صلاة
عسفان ، وكيفيتها كما قال
جابر رضي الله عنه قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007262شهدت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة الخوف ، فصفنا صفين ، صف خلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والعدو بيننا وبين القبلة ، فكبر النبي - صلى الله عليه وسلم - وكبرنا جميعا ثم ركع وركعنا جميعا ، ثم رفع رأسه من الركوع ورفعنا جميعا ، ثم انحدر بالسجود والصف الذي يليه ، وقام الصف المؤخر في نحر العدو ، فلما قضى النبي - صلى الله عليه وسلم - السجود وقام الصف الذي يليه انحدر الصف المؤخر بالسجود وقاموا ، ثم تقدم الصف المؤخر وتأخر الصف المتقدم ، ثم ركع النبي - صلى الله عليه وسلم - وركعنا جميعا ، ثم رفع رأسه من الركوع ورفعنا جميعا ، ثم انحدر بالسجود والصف الذي يليه الذي كان مؤخرا في الركعة الأولى ، وقام الصف المؤخر في نحور العدو فلما قضى النبي - صلى الله عليه وسلم - السجود والصف الذي يليه ، انحدر الصف المؤخر بالسجود فسجدوا ، ثم سلم النبي - صلى الله عليه وسلم - وسلمنا جميعا " ، هذا لفظ
مسلم في " صحيحه " ، وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي والبيهقي من رواية
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ورواه
أبو داود nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان والحاكم من رواية
أبي عياش الزرقي واسمه
زيد بن الصامت وهو صحابي .
[ ص: 258 ] وقول
ابن حجر في " التقريب " في الكنى : إنه تابعي ، الظاهر أنه سهو منه رحمه الله ، وإنما قلنا : إن هذه الكيفية من الكيفيات التي اختارها
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي مع أنها مخالفة للصورة التي صحت عنه في صلاة
عسفان ; لأنه أوصى على العمل بالحديث إذا صح ، وأنه مذهبه ، والصورة التي صحت عن
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رحمه الله في " مختصر
المزني " " والأم " أنه قال : صلى بهم الإمام وركع وسجد بهم جميعا إلا صفا يليه أو بعض صف ينتظرون العدو ، فإذا قاموا بعد السجدتين سجد الصف الذي حرسهم ، فإذا ركع ركع بهم جميعا وإذا سجد سجد معه الذين حرسوا أولا إلا صفا أو بعض صف يحرسه منهم ، فإذا سجدوا سجدتين وجلسوا سجد الذين حرسوا ثم يتشهدون ثم سلم بهم جميعا معا ، وهذا نحو صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم -
بعسفان ، قال : ولو تأخر الصف الذي حرس إلى الصف الثاني وتقدم الثاني فحرس فلا بأس . انتهى بواسطة نقل
النووي .
والظاهر أن
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رحمه الله يرى أن الصورتين أعني : التي ذكرنا في حديث
جابر nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس وأبي عياش الزرقي والتي نقلناها عن
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي كلتاهما جائزة واتباع ما ثبت في الصحيح أحق من غيره ، وصلاة
عسفان المذكورة صلاة العصر .
وقد جاء في بعض الروايات عند
أبي داود وغيره أن مثل صلاة
عسفان التي ذكرنا صلاها أيضا - صلى الله عليه وسلم - يوم
بني سليم .
الرابعة : من الهيئات التي اختارها
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي - رحمه الله - هي :
صلاة ذات الرقاع ، والكيفية التي اختارها
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي منها هي التي قدمنا رواية
مالك لها عن
يزيد بن رومان ، وهي أن يصلي بالطائفة الأولى ركعة ثم يفارقونه ويتمون لأنفسهم ويسلمون ، ويذهبون إلى وجوه العدو وهو قائم في الثانية يطيل القراءة حتى يأتي الآخرون فيصلي بهم الركعة الباقية ويجلس ينتظرهم حتى يصلوا ركعتهم الباقية ، ثم يسلم بهم ، وهذه الكيفية قد قدمنا أن
مالكا رواها عن
يزيد بن رومان عن
صالح بن خوات بن جبير عمن صلى مع النبي - صلى الله عليه وسلم - صلاة الخوف يوم ذات الرقاع ، وأخرجها الشيخان من طريقه ، فقد رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عن
قتيبة عن
مالك ومسلم عن
يحيى بن يحيى عن
مالك نحو ما ذكرنا ، وقد قدمنا أن
مالكا قال بهذه الكيفية أولا ثم رجع عنها إلى أن الإمام يسلم ولا ينتظر إتمام الطائفة الثانية صلاتهم حتى يسلم بهم . وصلاة ذات الرقاع لها كيفية أخرى غير هذه التي اختار
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وهي ثابتة في " الصحيحين " من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007263صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة الخوف بإحدى الطائفتين ركعة ، والطائفة الأخرى مواجهة العدو ، [ ص: 259 ] ثم انصرفوا وقاموا في مقام أصحابهم ، مقبلين على العدو ، وجاء أولئك ثم صلى بهم النبي - صلى الله عليه وسلم - ركعة ، ثم سلم النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم قضى هؤلاء ركعة وهؤلاء ركعة .
وهذا لفظ
مسلم ولفظ
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري بمعناه ، ولم تختلف الطرق عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر في هذا ، وظاهره أنهم أتموا لأنفسهم في حالة واحدة ويحتمل أنهم أتموا على التعاقب ، وهو الراجح من حيث المعنى ; لأن إتمامهم في حالة واحدة يستلزم تضييع الحراسة المطلوبة وإفراد الإمام وحده ، ويرجحه ما رواه
أبو داود من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود ولفظه :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007264ثم سلم فقام هؤلاء أي : الطائفة الثانية فصلوا لأنفسهم ركعة ، ثم سلموا ثم ذهبوا ورجع أولئك إلى مقامهم فصلوا لأنفسهم ركعة ثم سلموا . وظاهره أن الطائفة الثانية والت بين ركعتيها ثم أتمت الطائفة الأولى بعدها ، واعلم أن ما ذكره
الرافعي وغيره من كتب الفقه من أن في حديث
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر هذا أن الطائفة الثانية تأخرت وجاءت الطائفة الأولى فأتموا ركعة ثم تأخروا وعادت الطائفة الثانية فأتموا - مخالف للروايات الثابتة في " الصحيحين " وغيرهما .
وقال
ابن حجر في ( الفتح ) : إنه لم يقف عليه في شيء من الطرق ، وأما الإمام
أحمد رحمه الله فإن جميع أنواع صلاة الخوف الثابتة عنه - صلى الله عليه وسلم - جائزة عنده ، والمختار منها عنده صلاة ذات الرقاع التي قدمنا اختيار
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي لها أيضا ، وهي أن يصلي الإمام بالطائفة الأولى ركعة ثم يتمون لأنفسهم ويسلمون ويذهبون إلى وجوه العدو ; ثم تأتي الطائفة الأخرى فيصلي بهم الركعة الأخرى ثم يصلون ركعة فإذا أتموها وتشهدوا سلم بهم .