قوله - تعالى - : بلاغ .
التحقيق - إن شاء الله - أن أصوب القولين في قوله : بلاغ أنه خبر مبتدإ محذوف تقديره : هذا بلاغ ، أي هذا القرآن بلاغ من الله إلى خلقه .
ويدل لهذا قوله - تعالى - في سورة " إبراهيم " :
هذا بلاغ للناس ولينذروا به [ 14 \ 52 ] . وقوله في " الأنبياء " :
إن في هذا لبلاغا لقوم عابدين [ 21 \ 106 ] . وخير ما يفسر به القرآن القرآن .
والبلاغ اسم مصدر بمعنى التبليغ ، وقد علم باستقراء اللغة العربية أن الفعال يأتي
[ ص: 243 ] كثيرا بمعنى التفعيل ، كبلغه بلاغا ، أي تبليغا ، وكلمه كلاما ، أي تكليما ، وطلقها طلاقا ، وسرحها سراحا ، وبينه بيانا .
كل ذلك بمعنى التفعيل ; لأن فعل - مضعفة العين ، غير معتلة اللام ولا مهموزته - قياس مصدرها التفعيل .
وما جاء منه على خلاف ذلك - يحفظ ولا يقاس عليه ، كما هو معلوم في محله .
أما القول بأن المعنى : وذلك
اللبث بلاغ ، فهو خلاف الظاهر كما ترى ، والعلم عند الله - تعالى - .