تنبيه
قد قررتم ترجيح أن آية :
وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة [ 4 \ 110 ] في صلاة الخوف لا صلاة السفر ، وإذن فمفهوم الشرط في قوله :
وإذا ضربتم في الأرض يفهم منه أن
صلاة الخوف لا تشرع في الحضر .
فالجواب : أن هذا المفهوم قال به
nindex.php?page=showalam&ids=12873ابن الماجشون ، فمنع صلاة الخوف في الحضر ، واستدل بعضهم أيضا لمنعها فيه بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يصلها يوم
الخندق ، وفات عليه العصران وقضاهما بعد المغرب ، وبأنه - صلى الله عليه وسلم - لم يصلها إلا في سفر ، وجمهور العلماء على أنها تصلى في الحضر أيضا ، وأجابوا بأن الشرط لا مفهوم مخالفة له أيضا لجريه على الغالب كما تقدم ، أو لأنه نزل في حادثة واقعة مبينا حكمها .
كما روي عن
مجاهد قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=2003040كان النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه بعسفان والمشركون بضجنان ، فتوافقوا ، فصلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بأصحابه صلاة تامة بركوعها وسجودها ، فهم بهم المشركون أن يغيروا على أمتعتهم وأثقالهم فنزلت ، وهذه الحادثة وقعت وهم مسافرون ضاربون في الأرض ، وقد تقرر في الأصول أن من
موانع اعتبار مفهوم المخالفة كون المنطوق نازلا على حادثة واقعة ، ولذا لم يعتبر مفهوم المخالفة في قوله :
إن أردن تحصنا [ 34 \ 33 ] ، ولا في قوله :
لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين [ 3 \ 28 ] ; لأن كلا منهما نزل على حادثة واقعة :
فالأول : نزل في إكراه
ابن أبي جواريه على الزنا ، وهن يردن التحصن من ذلك .
والثاني : نزل في قوم من
الأنصار والوا
اليهود من دون المؤمنين ، فنزل القرآن في كل منهما ناهيا عن الصورة الواقعة من غير إرادة التخصيص بها ، وأشار إليه في " المراقي " بقوله في تعداد موانع اعتبار مفهوم المخالفة : [ الرجز ]
أو امتنان أو وفاق الواقع والجهل والتأكيد عند السامع
[ ص: 265 ] وأجابوا عن كونه - صلى الله عليه وسلم - لم يصلها يوم
الخندق بأن ذلك كان قبل نزول صلاة الخوف ، كما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ، وبه تعلم عدم صحة قول من قال : إن غزوة ذات الرقاع التي صلى فيها النبي - صلى الله عليه وسلم - صلاة الخوف كانت قبل
الخندق ، وأجابوا عن كونه لم يصلها إلا في السفر بأن السفر بالنسبة إلى صلاة الخوف وصف طردي ، وعلتها هي الخوف لا السفر ، فمتى وجد الخوف وجد حكمها ، كما هو ظاهر .