التنبيه الحادي عشر
اعلم يا أخي أن هذا
الإعراض عن كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - ، واعتقاد الاستغناء عنهما بالمذاهب المدونة الذي عم جل من في المعمورة من المسلمين من أعظم المآسي والمصائب ، والدواهي التي دهت المسلمين من مدة قرون عديدة .
ولا شك أن
النتائج الوخيمة الناشئة عن الإعراض عن الكتاب والسنة من جملتها ما عليه المسلمون في واقعهم الآن من تحكيم القوانين الوضعية المنافي لأصل الإسلام ; لأن الكفار إنما احتاجوهم بفصلهم عن دينهم بالغزو الفكري عن طرق الثقافة وإدخال الشبه والشكوك في دين الإسلام .
ولو كان المسلمون يتعلمون كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - ويعملون بما فيهما لكان ذلك حصنا منيعا لهم من تأثير الغزو الفكري في عقائدهم ودينهم .
ولكن لما تركوا الوحي ونبذوه وراء ظهورهم واستبدلوا به أقوال الرجال لم تقم لهم أقوال الرجال ومذاهب الأئمة رحمهم الله مقام كلام الله والاعتصام بالقرآن ، وكلام النبي - صلى الله عليه وسلم - والتحصن بسنته .
ولذلك وجد الغزو الفكري طريقا إلى قلوب الناشئة من المسلمين ، ولو كان سلاحهم المضاد القرآن والسنة لم يجد إليهم سبيلا .
ولا شك أن كل منصف يعلم أن كلام الناس ، ولو بلغوا ما بلغوا من العلم والفضل - لا يمكن أن يقوم مقام كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم .
وبالجملة فمما لا شك فيه أن هذا الغزو الفكري الذي قضى على كيان المسلمين ، ووحدتهم وفصلهم عن دينهم ، لو صادفهم وهم متمسكون بكتاب الله وسنة رسوله لرجع مدحورا في غاية الفشل لوضوح أدلة الكتاب والسنة ، وكون الغزو الفكري المذكور لم يستند إلا على الباطل والتمويه كما هو معلوم .