قوله تعالى :
فإن للذين ظلموا ذنوبا مثل ذنوب أصحابهم فلا يستعجلون .
أصل الذنوب في لغة العرب الدلو ، وعادة العرب أنهم يقتسمون ماء الآبار والقلب بالدلو ، فيأخذ هذا منه ملء دلو ، ويأخذ الآخر كذلك ، ومن هنا أطلقوا اسم الذنوب التي هي الدلو على النصيب . قال الراجز في اقتسامهم الماء بالدلو :
لنا ذنوب ولكم ذنوب فإن أبيتم فلنا القليب
ويروى :
إنا إذا شاربنا شريب له ذنوب ولنا ذنوب
فإن أبى كان لنا القليب
ومن إطلاق الذنوب على مطلق النصيب قول
علقمة بن عبدة التميمي ، وقيل
عبيد :
وفي كل حي قد خبطت بنعمة فحق لشأس من نداك ذنوب
وقول
أبي ذؤيب :
لعمرك والمنايا طارقات لكل بني أب منها ذنوب
فالذنوب في البيتين النصيب ، ومعنى الآية الكريمة : فإن للذين ظلموا بتكذيب
[ ص: 450 ] النبي - صلى الله عليه وسلم - ذنوبا ، أي نصيبا من عذاب الله مثل ذنوب أصحابهم من الأمم الماضية من العذاب لما كذبوا رسلهم .
وهذا المعنى الذي تضمنته هذه الآية الكريمة جاء موضحا في آيات كثيرة من كتاب الله كقوله تعالى :
قد قالها الذين من قبلهم فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون فأصابهم سيئات ما كسبوا والذين ظلموا من هؤلاء سيصيبهم سيئات ما كسبوا وما هم بمعجزين [ 39 \ 50 ] .
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة :
فلا يستعجلون قد قدمنا الآيات الموضحة له في سورة الرعد في الكلام على قوله تعالى :
ويستعجلونك بالسيئة قبل الحسنة وقد خلت من قبلهم المثلات [ 13 \ 6 ] ، وفي سورة مريم في الكلام على قوله :
فلا تعجل عليهم إنما نعد لهم عدا [ 19 \ 84 ] ، وغير ذلك من المواضع .