قوله تعالى : يقول الكافرون هذا يوم عسر .
قد قدمنا الآيات الموضحة له في سورة الفرقان في الكلام على قوله تعالى :
أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا وأحسن مقيلا [ 25 \ 24 ] ، وفي سورة الحج في الكلام على قوله تعالى :
وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون [ 22 \ 47 ] .
قوله تعالى :
وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون .
قرأ هذا الحرف
ابن عامر : ففتحنا بتشديد التاء للتكثير ، وباقي السبعة بتخفيفها .
وقد ذكر - جل وعلا - في هذه الآية الكريمة أن نبيه
نوحا دعاه قائلا : إن قومه غلبوه
[ ص: 477 ] سائلا ربه أن ينتصر له منهم ، وأن الله انتصر له منهم ، فأهلكهم بالغرق ، لأنه تعالى فتح أبواب السماء بماء منهمر أي متدفق منصب بكثرة وأنه تعالى فجر الأرض عيونا .
وقوله : عيونا ، تمييز محول عن المفعول ، والأصل فجرنا عيون الأرض . والتفجير : إخراج الماء منها بكثرة ، و " أل " في قوله :
فالتقى الماء للجنس ، ومعناه التقى ماء السماء وماء الأرض
على أمر قد قدر ، أي قدره الله وقضاه .
وقيل : إن معناه أن الماء النازل من السماء والمتفجر من الأرض جعلهما الله بمقدار ليس أحدهما أكثر من الآخر . والأول أظهر .
وما تضمنته هذه الآية الكريمة من دعاء
نوح ربه - جل وعلا - أن ينتصر له من قومه فينتقم منهم ، وأن الله أجابه فانتصر له منهم فأهلكهم جميعا بالغرق في هذا الماء المتلقى من السماء والأرض - جاء موضحا في آيات أخر من كتاب الله كقوله تعالى في الأنبياء :
ونوحا إذ نادى من قبل فاستجبنا له فنجيناه وأهله من الكرب العظيم ونصرناه من القوم الذين كذبوا بآياتنا إنهم كانوا قوم سوء فأغرقناهم أجمعين [ 21 \ 76 - 77 ] .
وقوله تعالى في الصافات :
ولقد نادانا نوح فلنعم المجيبون ونجيناه وأهله من الكرب العظيم إلى قوله :
ثم أغرقنا الآخرين [ 37 \ 75 - 82 ] .
وقد بين - جل وعلا - أن دعاء
نوح فيه سؤاله الله أن يهلكهم إهلاكا مستأصلا . وتلك الآيات فيها بيان لقوله هنا :
فانتصر وذلك كقوله تعالى :
وقال نوح رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا [ 71 \ 26 - 27 ] ، وما دعا
نوح على قومه إلا بعد أن أوحى الله إليه أنه لا يؤمن منهم أحد غير القليل الذي آمن ، وذلك في قوله تعالى :
وأوحي إلى نوح أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن [ 11 \ 36 ] ، وقد قال تعالى :
وما آمن معه إلا قليل [ 11 \ 40 ] .
وقوله تعالى :
عيونا قرأه
ابن كثير ،
وابن عامر في رواية
ابن ذكوان ،
وعاصم في رواية
شعبة ،
وحمزة ،
nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي : " عيونا " بكسر العين لمجانسة الياء .
وقرأه
نافع وأبو عمرو وابن عامر في رواية
هشام ،
وعاصم في رواية
حفص " عيونا " بضم العين على الأصل .