وبالجملة فلا يخفى إجماع المسلمين على صحة أحاديث
مسلم مع أنه لا يشترط إلا المعاصرة وبه تعلم أن قول
nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم ومن وافقه إنه لا تعرف رواية
nindex.php?page=showalam&ids=17346يزيد بن أبي حبيب عن
أبي الطفيل لا تقدح في حديثه لما علمت من أن العنعنة من غير المدلس لها حكم التحديث
nindex.php?page=showalam&ids=17346ويزيد بن أبي حبيب مات سنة ثمان وعشرين بعد المائة ، وقد قارب الثمانين .
وأبو الطفيل ولد عام
أحد ومات سنة عشر ومائة على الصحيح ، وبه تعلم أنه لا شك في معاصرتهما واجتماعهما في قيد الحياة زمنا طويلا ، ولا غرو في حكم
nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم على رواية
nindex.php?page=showalam&ids=17346يزيد بن أبي حبيب عن
أبي الطفيل بأنها باطلة ، فإنه قد ارتكب أشد من ذلك في حكمه على الحديث الثابت في " صحيح
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري " : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007339ليكونن في أمتي أقوام [ ص: 296 ] يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف " ، بأنه غير متصل ولا يحتج به بسبب أن
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري قال في أول الإسناد قال :
nindex.php?page=showalam&ids=17246هشام بن عمار ومعلوم أن
nindex.php?page=showalam&ids=17246هشام بن عمار من شيوخ
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري وأن
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري بعيد جدا من التدليس وإلى رد هذا على
nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم أشار
العراقي في " ألفيته " بقوله : [ الرجز ]
وإن يكن أول الاسناد حذف مع صيغة الجزم فتعليقا عرف ولو إلى آخره أما الذي
لشيخه عزا بقال فكذي عنعنة كخبر المعازف
لا تصغ nindex.php?page=showalam&ids=13064لابن حزم المخالف
مع أن المشهور عن
مالك وأحمد
وأبي حنيفة رحمهم الله الاحتجاج بالمرسل ، والمرسل في اصطلاح أهل الأصول ما سقط منه راو مطلقا ، فهو بالاصطلاح الأصولي يشمل المنقطع والمعضل ، ومعلوم أن من يحتج بالمرسل يحتج بعنعنة المدلس من باب أولى كما صرح به غير واحد وهو واضح ، والجواب عن القدح في
أبي الطفيل بأنه كان حامل راية المختار مردود من وجهين .
الأول : أن
أبا الطفيل صحابي وهو آخر من مات من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، كما قاله
مسلم وعقده ناظم " عمود النسب " بقوله : [ الرجز ]
آخر من مات من الأصحاب له
nindex.php?page=showalam&ids=11871أبو الطفيل عامر بن واثله nindex.php?page=showalam&ids=11871وأبو الطفيل هذا هو عامر بن واثلة بن عبد الله بن عمرو بن جحش الليثي نسبة إلى ليث بن بكر بن كنانة ،
والصحابة كلهم رضي الله عنهم عدول وقد جاءت تزكيتهم في كتاب الله وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - كما هو معلوم في محله والحكم لجميع الصحابة بالعدالة هو مذهب الجمهور وهو الحق وقال في " مراقي السعود " : [ الرجز ]
وغيره رواية والصحب تعديلهم كل إليه يصبو
واختار في الملازمين دون من رآه مرة إمام مؤتمن
الوجه الثاني : هو ما ذكره
الشوكاني رحمه الله في " نيل الأوطار " وهو أن
أبا الطفيل إنما خرج مع
المختار على قاتلي
الحسين رضي الله عنه وأنه لم يعلم من
المختار إيمانه بالرجعة ، والجواب عن قول
الحاكم إنه موضوع بأنه غير صحيح بل هو ثابت وليس بموضوع .
قال
ابن القيم : وحكمه بالوضع على هذا الحديث غير
مسلم ، يعني :
الحاكم ،
[ ص: 297 ] وقال
ابن القيم أيضا في " زاد المعاد " : قال
الحاكم هذا الحديث موضوع وإسناده على شرط الصحيح لكن رمي بعلة عجيبة ، قال
الحاكم : حدثنا
أبو بكر بن محمد بن أحمد بن بالويه ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17182موسى بن هارون ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16818قتيبة بن سعيد ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15124الليث بن سعد عن
nindex.php?page=showalam&ids=17346يزيد بن أبي حبيب عن
أبي الطفيل عن
nindex.php?page=showalam&ids=32معاذ بن جبل أن النبي - صلى الله عليه وسلم - "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007340كان في غزوة تبوك إلى أن قال : وإذا ارتحل بعد زيغ الشمس صلى الظهر والعصر جميعا ثم سار " الحديث .
قال
الحاكم : هذا الحديث رواته أئمة ثقات ، وهو شاذ الإسناد والمتن ثم لا نعرف له علة نعله بها فلو كان الحديث عن
الليث عن
أبي الزبير عن
أبي الطفيل لعللنا به الحديث ، ولو كان عن
nindex.php?page=showalam&ids=17346يزيد بن أبي حبيب عن
أبي الطفيل لعللنا به ، فلما لم نجد له العلتين خرج عن أن يكون معلولا ، ثم نظرنا فلم نجد
nindex.php?page=showalam&ids=17346ليزيد بن أبي حبيب عن
أبي الطفيل رواية ، ولا وجدنا هذا المتن بهذه السياقة عن أحد من أصحاب
أبي الطفيل ولا عن أحد ممن روى عن
nindex.php?page=showalam&ids=32معاذ بن جبل غير
أبي الطفيل ، فقلنا : الحديث شاذ ، وقد حدثوا عن
أبي العباس الثقفي قال : كان
nindex.php?page=showalam&ids=16818قتيبة بن سعيد يقول : لنا على هذا الحديث علامة
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل nindex.php?page=showalam&ids=16604وعلي بن المديني ،
nindex.php?page=showalam&ids=17336ويحيى بن معين ،
nindex.php?page=showalam&ids=12508وأبي بكر بن أبي شيبة ،
وأبي خيثمة ، حتى عد
قتيبة سبعة من أئمة الحديث كتبوا عنه هذا الحديث ، وأئمة الحديث إنما سمعوه من
قتيبة تعجبا من إسناده ومتنه ، ثم لم يبلغنا عن أحد منهم أنه ذكر للحديث علة ثم قال : فنظرنا فإذا بالحديث موضوع ،
وقتيبة ثقة مأمون . اهـ . محل الغرض منه بتصرف يسير لا يخل بشيء من المعنى . وانظره فإن قوله ولو كان عن
nindex.php?page=showalam&ids=17346يزيد بن أبي حبيب عن
أبي الطفيل لعللنا به فيه أن سنده الذي ساق فيه عن
يزيد عن
أبي الطفيل .
وبهذا تعلم أن حكم
الحاكم على هذا الحديث بأنه موضوع لا وجه له أما رجال إسناده فهم ثقات باعترافه هو ، وقد قدمنا لك أن
قتيبة تابعه فيه
nindex.php?page=showalam&ids=15294المفضل بن فضالة عند
أبي داود nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي والبيهقي nindex.php?page=showalam&ids=14269والدارقطني ،
وانفراد الثقة الضابط بما لم يروه غيره لا يعد شذوذا ، وكم من حديث صحيح في " الصحيحين " وغيرهما انفرد به عدل ضابط عن غيره ، وقد عرفت أن
قتيبة لم يتفرد به ، وأما متنه فهو بعيد من الشذوذ أيضا .
وقد قدمنا أن مثله رواه
مسلم في " صحيحه " عن
جابر رضي الله عنه وصح أيضا مثله من حديث
أنس .
قال
ابن القيم : وقد روى
nindex.php?page=showalam&ids=12418إسحاق بن راهويه حدثنا
شبابة ، حدثنا
الليث عن
عقيل [ ص: 298 ] عن
nindex.php?page=showalam&ids=13283ابن شهاب عن
أنس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007341كان إذا كان في سفر فزالت الشمس صلى الظهر والعصر ثم ارتحل " وهذا إسناد كما ترى .
nindex.php?page=showalam&ids=16087وشبابة هو شبابة بن سوار الثقة المتفق على الاحتجاج بحديثه وقد روى له
مسلم في " صحيحه " ، فهذا الإسناد على شرط الشيخين . اهـ . محل الغرض منه بلفظه .
وقال
ابن حجر في " فتح الباري " بعد أن ساق حديث
إسحاق هذا ما نصه : وأعل بتفرد
إسحاق به عن
شبابة ثم تفرد
nindex.php?page=showalam&ids=14907جعفر الفريابي به عن
إسحاق وليس ذلك بقادح ، فإنهما إمامان حافظان . اهـ . منه بلفظه .
وروى
الحاكم في " الأربعين " بسند صحيح عن
أنس نحو حديث إسحاق المذكور ونحوه
لأبي نعيم في " مستخرج
مسلم " ، قال الحافظ في " بلوغ المرام " بعد أن ساق حديث
أنس المتفق عليه ما نصه : وفي رواية للحاكم في " الأربعين " بإسناد صحيح "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007342صلى الظهر والعصر ثم ركب " ،
ولأبي نعيم في مستخرج
مسلم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007343كان إذا كان في سفر فزالت الشمس صلى الظهر والعصر جميعا ثم ارتحل " .
وقال
ابن حجر في " تلخيص الحبير " بعد أن ساق حديث
الحاكم المذكور بسنده ومتنه ما نصه : وهي زيادة غريبة صحيحة الإسناد وقد صححه
المنذري من هذا الوجه
والعلائي ، وتعجب من كون
الحاكم لم يورده في " المستدرك " ، قال : وله طريق أخرى رواها
nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني في " الأوسط " ، ثم ساق الحديث بها وقال : تفرد به
يعقوب بن محمد ولا يقدح في رواية
الحاكم هذه ما ذكره
ابن حجر في " الفتح " من أن
البيهقي ساق سند
الحاكم المذكور ثم ذكر المتن ولم يذكر فيه زيادة
جمع التقديم لما قدمنا من أن من حفظ حجة على من لم يحفظ وزيادة العدول مقبولة كما تقدم .
وقال
النووي في " شرح المهذب " بعد أن ساق حديث
معاذ الذي نحن بصدده ما نصه : رواه
أبو داود nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي ، وقال : حديث حسن .
وقال
البيهقي : هو محفوظ صحيح ، وعن
أنس قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007343كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا كان في سفر فزالت الشمس صلى الظهر والعصر جميعا ثم ارتحل " ، رواه
الإسماعيلي والبيهقي بإسناد صحيح .
قال إمام الحرمين في " الأساليب " : في ثبوت الجمع أخبار صحيحة هي نصوص لا يتطرق إليها تأويل ودليله في المعنى الاستنباط من صورة الإجماع وهي الجمع
بعرفات ومزدلفة ، إذ لا يخفى أن سببه احتياج الحجاج إليه لاشتغالهم
[ ص: 299 ] بمناسكهم ، وهذا المعنى موجود في كل الأسفار . انتهى محل الغرض منه بلفظه .
والجواب عن قول
أبي داود ليس في جمع التقديم حديث قائم هو ما رأيت من أنه ثبت في " صحيح
مسلم " من حديث
جابر وصح من حديث
أنس من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=12418إسحاق بن راهويه وأخرجه
الحاكم بسند صحيح في " الأربعين " وأخرجه
أبو نعيم في " مستخرج
مسلم "
والإسماعيلي والبيهقي وقال : إسناده صحيح بلفظ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007344كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا كان في سفر وزالت الشمس صلى الظهر والعصر جميعا " إلى آخر ما تقدم .