قال
الشوكاني في " نيل الأوطار " : قد عرفت أن أحاديث جمع التقديم بعضها صحيح وبعضها حسن ، وذلك يرد قول
أبي داود : ليس في جمع التقديم حديث قائم ، والجواب عن تضعيف حديث
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس المتقدم في جمع التقديم بأن في إسناده
حسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عباس بن عبد المطلب هو ضعيف ، هو أنه روي من طريقين أخريين بهما يعتضد الحديث حتى يصير أقل درجاته الحسن .
الأولى : أخرجها
nindex.php?page=showalam&ids=17319يحيى بن عبد الحميد الحماني عن
nindex.php?page=showalam&ids=11994أبي خالد الأحمر عن
الحجاج عن
الحكم عن
مقسم عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس .
والثانية : منهما رواها
nindex.php?page=showalam&ids=12425إسماعيل القاضي في الأحكام عن
nindex.php?page=showalam&ids=12427إسماعيل بن أبي أويس عن أخيه ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16036سليمان بن بلال ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة ، عن
كريب ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس بنحوه قاله
ابن حجر في " التلخيص "
والشوكاني في " نيل الأوطار " .
وقال
ابن حجر في " التلخيص " أيضا : يقال إن
الترمذي حسنه وكأنه باعتبار المتابعة ، وغفل
ابن العربي فصحح إسناده .
وبهذا كله تعلم أن كلا من
جمع التقديم وجمع التأخير في السفر ثابت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وفيه صورة مجمع عليها وهي التي رواها
مسلم عن
جابر في حديثه الطويل في الحج كما قدمنا ، وهي جمع التقديم ظهر
عرفات ، وجمع التأخير عشاء
المزدلفة .
قال
البيهقي في " السنن الكبرى " :
والجمع بين الصلاتين بعذر السفر من الأمور المشهورة المستعملة فيما بين الصحابة والتابعين رضي الله عنهم أجمعين ، مع الثابت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم عن أصحابه ثم ما أجمع عليه المسلمون من جمع الناس
بعرفات ثم
بالمزدلفة . اهـ . منه بلفظه .
[ ص: 300 ] وروى
البيهقي في " السنن الكبرى " أيضا عن
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري أنه سأل
nindex.php?page=showalam&ids=15959سالم بن عبد الله : هل يجمع بين الظهر والعصر في السفر ؟ فقال : نعم لا بأس بذلك ، ألم تر إلى صلاة الناس
بعرفة اهـ . منه بلفظه .
وقال
ابن القيم في " زاد المعاد " : قال
ابن تيمية ويدل على جمع التقديم جمعه
بعرفة بين الظهر والعصر لمصلحة الوقوف ليتصل وقت الدعاء ولا يقطعه بالنزول لصلاة العصر مع إمكان ذلك بلا مشقة ، فالجمع كذلك لأجل المشقة والحاجة أولى .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : وكان أرفق به يوم
عرفة تقديم العصر ; لأن يتصل له الدعاء فلا يقطعه بصلاة العصر ، والتأخير أرفق
بالمزدلفة ; لأن يتصل له المسير ولا يقطعه للنزول للمغرب لما في ذلك من التضييق على الناس اهـ . من " زاد المعاد " .
فبهذه الأدلة التي سقناها في هذا المبحث تعلم أن العصر مشتركة مع الظهر في وقتها عند الضرورة ، وأن العشاء مشتركة مع المغرب في وقتها عند الضرورة أيضا ، وأن الظهر مشتركة مع العصر في وقتها عند الضرورة ، وأن المغرب مشتركة مع العشاء في وقتها عند الضرورة أيضا ، ولا يخفى أن الأئمة الذين خالفوا
مالكا رحمه الله تعالى في
امتداد وقت الضرورة للظهر إلى الغروب وامتداد وقت الضرورة للمغرب إلى الفجر nindex.php?page=showalam&ids=13790كالشافعي وأحمد رحمهما الله ومن وافقهما أنهم في الحقيقة موافقون له لاعترافهم بأن
الحائض إذا طهرت قبل الغروب بركعة صلت الظهر والعصر معا ، وكذلك إذا طهرت قبل طلوع الفجر بركعة صلت المغرب والعشاء كما قدمنا عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=38وعبد الرحمن بن عوف ، فلو كان الوقت خرج بالكلية لم يلزمها أن تصلي الظهر ولا المغرب للإجماع على أن
الحائض لا تقضي ما فات وقته من الصلوات وهي حائض .
وقال
النووي في " شرح المهذب " : قد ذكرنا أن الصحيح عندنا أنه يجب على المعذور الظهر بما تجب به العصر ، وبه قال
nindex.php?page=showalam&ids=38عبد الرحمن بن عوف nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس وفقهاء
المدينة السبعة وأحمد وغيرهم .
وقال
الحسن وحماد وقتادة nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري وأبو حنيفة ومالك وداود : لا تجب عليه . اهـ . منه بلفظه ،
ومالك يوجبها بقدر ما تصلى فيه الأولى من مشتركتي الوقت مع بقاء ركعة فهو أربع في المغرب والعشاء وخمس في الظهر والعصر للحاضر ، وثلاث للمسافر .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13439ابن قدامة في " المغني " : وروي هذا القول يعني إدراك الظهر مثلا بما
[ ص: 301 ] تدرك به العصر في الحائض تطهر ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=38عبد الرحمن بن عوف nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=16248وطاوس ومجاهد والنخعي nindex.php?page=showalam&ids=12300والزهري وربيعة ومالك والليث nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي وإسحاق nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبي ثور .
قال الإمام
أحمد : عامة التابعين يقولون بهذا القول إلا
الحسن وحده ، قال : لا تجب إلا الصلاة التي طهرت في وقتها وحدها ، إلى أن قال : ولنا ما روى
الأثرم وابن المنذر وغيرهما بإسنادهم عن
nindex.php?page=showalam&ids=38عبد الرحمن بن عوف nindex.php?page=showalam&ids=11وعبد الله بن عباس أنهما قالا في الحائض تطهر قبل طلوع الفجر بركعة : تصلي المغرب والعشاء ، فإذا طهرت قبل أن تغرب الشمس صلت الظهر والعصر جميعا ; ولأن وقت الثانية وقت الأولى حال العذر فإذا أدركه المعذور لزمه فرضها كما يلزمه فرض الثانية ، اهـ منه بلفظه مع حذف يسير ، وهو تصريح من هذا العالم الجليل
الحنبلي بامتداد وقت الضرورة للمغرب إلى الفجر ، وللظهر إلى الغروب كقول
مالك رحمه الله تعالى وأما
أول وقت العشاء فقد أجمع المسلمون على أنه يدخل حين يغيب الشفق .
وفي حديث
جابر nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس المتقدمين في إمامة
جبريل في بيان أول وقت العشاء ثم صلى العشاء حين غاب الشفق .
وفي حديث
بريدة المتقدم عند
مسلم وغيره ثم أمره فأقام العشاء حين غاب الشفق .
وفي حديث
أبي موسى عند
مسلم وغيره : ثم أمره فأقام العشاء حين غاب الشفق ، والأحاديث بمثل ذلك كثيرة جدا وهو أمر لا نزاع فيه .
فإذا علمت إجماع العلماء على أن أول وقت العشاء هو مغيب الشفق ، فاعلم أن العلماء اختلفوا في الشفق ، فقال بعض العلماء : هو الحمرة ، وهو الحق .
وقال بعضهم : هو البياض الذي بعد الحمرة ، ومما يدل على أن الشفق هو الحمرة ما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007345الشفق الحمرة فإذا غاب الشفق وجبت الصلاة " .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني في " الغرائب " : هو غريب وكل رواته ثقات ، وقد أخرج
nindex.php?page=showalam&ids=13114ابن خزيمة في " صحيحه " عن
عبد الله بن عمر مرفوعا : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007346ووقت صلاة المغرب إلى أن تذهب حمرة الشفق " الحديث .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13114ابن خزيمة : إن صحت هذه اللفظة أغنت عن غيرها من الروايات ، لكن تفرد بها
محمد بن يزيد .
[ ص: 302 ] قال
ابن حجر في " التلخيص " :
nindex.php?page=showalam&ids=17043محمد بن يزيد هو الواسطي وهو صدوق ، وروى هذا الحديث
nindex.php?page=showalam&ids=13359ابن عساكر وصحح
البيهقي وقفه على
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر .
وقال
الحاكم أيضا : إن رفعه غلط ، بل قال
البيهقي : روي هذا الحديث عن
عمر وعلي nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=63وعبادة بن الصامت nindex.php?page=showalam&ids=75وشداد بن أوس ، ولا يصح فيه شيء ولكن قد علمت أن الإسناد الذي رواه
nindex.php?page=showalam&ids=13114ابن خزيمة به في " صحيحه " ليس فيه مما يوجب تضعيفه إلا
محمد بن يزيد ، وقد علمت أنه صدوق . ومما يدل على أن الحمرة الشفق ما رواه
البيهقي في " سننه "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007347عن nindex.php?page=showalam&ids=114النعمان بن بشير قال : " أنا أعلم الناس بوقت صلاة العشاء " كان - صلى الله عليه وسلم - يصليها لسقوط القمر لثالثة " لما حققه غير واحد من أن البياض لا يغيب إلا بعد ثلث الليل وسقوط القمر لثالثة الشهر قبل ذلك كما هو معلوم .