قوله تعالى :
هو الذي ينزل على عبده آيات بينات ليخرجكم من الظلمات إلى النور . ذكر - جل وعلا - في هذه الآية الكريمة أنه هو الذي ينزل على عبده
محمد - صلى الله عليه وسلم - آيات بينات ، أي واضحات . وهي هذا القرآن العظيم ؛ ليخرج الناس بهذا القرآن العظيم المعبر عنه بالآيات البينات ، من الظلمات : أي من ظلمات الكفر والمعاصي إلى نور التوحيد والهدى ، وهذا المعنى الذي تضمنته هذه الآية الكريمة جاء مبينا في قوله تعالى في الطلاق :
فاتقوا الله ياأولي الألباب الذين آمنوا قد أنزل الله إليكم ذكرا رسولا يتلو عليكم آيات الله مبينات ليخرج الذين آمنوا وعملوا الصالحات من الظلمات إلى النور الآيتان [ 65 \ 10 - 11 ] ، وآية الطلاق هذه بينت أن آية الحديد من العام المخصوص ، وأنه لا يخرج بهذا القرآن العظيم من الظلمات إلى النور إلا من وفقهم الله للإيمان والعمل الصالح ، فقوله في الحديد :
ليخرجكم من الظلمات [ 57 \ 9 ] ، أي بشرط الإيمان والعمل الصالح بدليل قوله :
ليخرج الذين آمنوا وعملوا الصالحات من الظلمات الآية [ 65 \ 11 ] .
فالدعوة إلى الإيمان بالقرآن والخروج بنوره من ظلمات الكفر عامة ، ولكن التوفيق إلى الخروج به من الظلمات إلى النور خاص بمن وفقهم الله ، كما دلت عليه آيات الطلاق المذكورة ، والله - جل وعلا - يقول :
والله يدعو إلى دار السلام ويهدي من يشاء إلى صراط مستقيم [ 10 \ 25 ] .
وما تضمنته هذه الآية الكريمة من كون القرآن نورا يخرج الله به المؤمنين من الظلمات إلى النور جاء موضحا في آيات من كتاب الله كقوله تعالى :
ياأيها الناس قد جاءكم برهان من ربكم وأنزلنا إليكم نورا مبينا [ 4 \ 174 ] ، وقوله تعالى :
قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين يهدي
به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم [ 5 \ 15 - 16 ] ، وقوله تعالى :
فآمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزلنا [ 64 \ 8 ] ، وقوله تعالى :
فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون [ 7 \ 157 ] ، وقوله تعالى :
ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا الآية [ 42 \ 52 ] .