قوله تعالى :
ألم تر إلى الذين تولوا قوما غضب الله عليهم ما هم منكم ولا منهم .
قال بعض أهل العلم : معنى
ألم تر إلى الذين تولوا : ألم ينته علمك إلى الذين تولوا .
وقد قدمنا الرد على من قال : إن لفظة " ألم تر " لا تعدى إلا بحرف الجر الذي هو
[ ص: 553 ] " إلى " ، ولا تتعدى بنفسها إلى المفعول ، وبينا أن ذلك وإن كان هو الذي في القرآن في جميع المواضع فإن تعديتها إلى المفعول بنفسها صحيحة .
ومن شواهد ذلك قول
امرئ القيس :
ألم ترياني كلما جئت طارقا وجدت بها طيبا وإن لم تطيب
والمراد
إنكار الله على المنافقين توليهم القوم الذين غضب الله عليهم ، وهم اليهود والكفار ، وهذا الإنكار يدل على شدة منع ذلك التولي ، وقد صرح الله بالنهي عن ذلك في قوله تعالى :
ياأيها الذين آمنوا لا تتولوا قوما غضب الله عليهم [ 60 \ 13 ] .
وما تضمنته هذه الآية الكريمة من كون المنافقين ليسوا من المؤمنين ، ولا من القوم الذين تولوهم ، وهم الذين غضب الله عليهم من اليهود - جاء موضحا في غير هذا الموضع كقوله تعالى :
إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم إلى قوله :
مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء [ 4 \ 142 - 143 ] .