قوله تعالى :
لن تنفعكم أرحامكم ولا أولادكم يوم القيامة يفصل بينكم .
الأرحام تستعمل في القرآن لعموم القرابة ، كقوله تعالى :
وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض [ 8 \ 75 ] ، وقوله تعالى :
يفصل بينكم أي : بتقطع الأنساب بينهم ، كما بينه تعالى بقوله :
فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون [ 23 \ 101 ] .
وقد بين تعالى نتيجة هذا الفصل بينهم يوم القيامة في قوله تعالى :
يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه [ 80 \ 34 - 37 ] ، وقوله في موضع آخر :
وصاحبته وأخيه وفصيلته التي تؤويه [ 70 \ 12 ] ، فعمت جميع الأقارب وبينت سبب الفصل بينهم ، وما يترتب عليه .
وهذه الآية خطاب للمؤمنين في ذوي أرحامهم من المشركين ، كما في قصة سبب النزول في أمر
nindex.php?page=showalam&ids=195حاطب بن أبي بلتعة في إرساله الخطاب لأهل
مكة قبيل الفتح بأمر التجهز لهم .
ومفهوم الوصف في أول السياق
عدوي وعدوكم ،
وقد كفروا بما جاءكم من الحق ، يدل بمفهوم المخالفة أن أولي الأرحام من المؤمنين قد لا يفصل بينهم يوم القيامة .
ويدل لهذا المفهوم قوله تعالى :
والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم من شيء [ 52 \ 21 ] ، وقوله تعالى في دعاء الملائكة من حملة العرش للمؤمنين :
ربنا وأدخلهم جنات عدن التي وعدتهم ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم [ 40 \ 8 ] .
وهذه الآية بيان واضح في أن روابط الدين أقوى وألزم من روابط النسب .
وهذا المعنى بالذات تقدم للشيخ - رحمة الله تعالى عليه - الكلام عليه عند قوله تعالى :
إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم [ 17 \ 9 ] والآية الآتية بيان واضح لحقيقة هذا المعنى وشموله في جميع الأمم .