قوله تعالى :
ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم ، هذا العدل الذي ذكر تعالى هنا أنه لا يستطاع هو العدل في المحبة ، والميل الطبيعي ; لأنه ليس تحت قدرة البشر بخلاف العدل في الحقوق الشرعية فإنه مستطاع ، وقد أشار تعالى إلى هذا بقوله :
فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى ألا تعولوا [ 4 \ 3 ] ، أي : تجوروا في الحقوق الشرعية ، والعرب تقول : عال يعول إذا جار ومال ، وهو عائل ، ومنه قول
أبي طالب : [ الطويل ]
بميزان قسط لا يخيس شعيرة له شاهد من نفسه غير عائل
أي : غير مائل ولا جائر ، ومنه قول الآخر : [ البسيط ]
قالوا تبعنا رسول الله واطرحوا قول الرسول وعالوا في الموازين
أي : جاروا ، وقول الآخر : [ الوافر ]
ثلاثة أنفس وثلاث ذود لقد عال الزمان على عيالي
أي : جار ومال ، أما قول
أحيحة بن الجلاح الأنصاري : [ الوافر ]
وما يدري الفقير متى غناه وما يدري الغني متى يعيل
وقول
جرير : [ الكامل ]
الله نزل في الكتاب فريضة لابن السبيل وللفقير العائل
وقوله تعالى :
ووجدك عائلا فأغنى [ 93 \ 8 ] ، فكل ذلك من العيلة ، وهي الفقر ، ومنه قوله تعالى :
وإن خفتم عيلة الآية [ 9 \ 28 ] ، فعال التي بمعنى جار واوية العين ، والتي بمعنى افتقر يائية العين .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رحمه الله : معنى قوله :
ألا تعولوا [ 4 \ 3 ] ، أي : يكثر عيالكم
[ ص: 318 ] من عال الرجل يعول إذا كثر عياله ، وقول بعضهم : إن هذا لا يصح وإن المسموع أعال الرجل بصيغة الرباعي على وزن أفعل ، فهو معيل إذا كثر عياله فلا وجه له ; لأن
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي من أدرى الناس باللغة العربية ، ولأن عال بمعنى كثر عياله لغة
حمير ، ومنه قول الشاعر : [ الوافر ]
وإن الموت يأخذ كل حي بلا شك وإن أمشى وعالا
يعني : وإن كثرت ماشيته وعياله ، وقرأ الآية
nindex.php?page=showalam&ids=16258طلحة بن مصرف ألا تعيلوا وبضم التاء من أعال إذا كثر عياله على اللغة المشهورة .