قوله تعالى : إن تقرضوا الله قرضا حسنا يضاعفه لكم ويغفر لكم والله شكور حليم .
قال الشيخ - رحمة الله تعالى علينا وعليه - : قد بين تعالى أنه يضاعف الإنفاق سبعمائة إلى أكثر بقوله :
مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل ، إلى قوله :
والله يضاعف لمن يشاء [ 2 \ 261 ] .
وأصل
القرض في اللغة : القطع وفي الشرع قطع جزء من المال يعطيه لمن ينتفع به ثم يرده ، أي : أن الله تعالى يرد أضعافا ، وقد سمى معاملته مع عبيده قرضا وبيعا وشراء وتجارة .
[ ص: 206 ] ومعنى ذلك كله أن
العبد يعمل لوجه الله والله جل وعلا يعطيه ثواب ذلك العمل ، كما في قوله تعالى :
إن تقرضوا الله قرضا حسنا يضاعفه لكم الآية [ 64 \ 17 ] .
وقوله :
إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة [ 9 \ 111 ] .
وقوله :
فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به [ 9 \ 111 ] .
وقوله :
هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم الآية [ 61 \ 10 - 11 ] ، مع قوله تعالى :
تجارة لن تبور [ 35 \ 29 ] .
والقرض الحسن هو ما يكون من الكسب الطيب خالصا لوجه الله . اهـ .
ومما يشهد لقوله - رحمه الله - في
معنى القرض الحسن قوله تعالى :
ياأيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى كالذي ينفق ماله رئاء الناس [ 2 \ 264 ] ; لأن ذلك لم ينفق بإخلاص لوجه الله ، ومجئ الحسن على القرض الحسن هنا بعد قضية الزوجية والأولاد وتوقي الشح يشعر بأن
الإنفاق على الأولاد والزوجة إنما هو من باب القرض الحسن مع الله ، كما في قوله تعالى :
يسألونك ماذا ينفقون قل ما أنفقتم من خير فللوالدين والأقربين [ 2 \ 215 ] .
وأقرب الأقربين بعد الوالدين هم الأولاد والزوجة .
وفي الحديث في الحث على الإنفاق : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009627حتى اللقمة يضعها الرجل في في امرأته " .
وقوله :
والله شكور حليم [ 64 \ 17 ] .
قال الشيخ - رحمة الله تعالى علينا وعليه - :
شكر الله لعبده هو مجازاته له بالأجر الجزيل على العمل القليل .
وقوله : حليم ، أي : لا يعجل بالعقوبة بل يستر ويتجاوز عن ذنوب . ومجئ هذا التذييل هنا يشعر بالتوجيه في بعض نواحي إصلاح الأسرة ، وهو أن يقبل كل من الزوجين عمل الآخر بشكر ، ويقابل كل إساءة بحلم ليتم معنى حسن العشرة ، ولأن الإنفاق يستحق المقابلة بالشكر والعداوة تقابل بالحلم .