[ ص: 219 ] بسم الله الرحمن الرحيم
سورة التحريم
قوله تعالى :
يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك الآية .
تقدم في أول السورة قبلها بيان علاقة الأمة بالخطاب الخاص به - صلى الله عليه وسلم - وقد اختلف في تحريم ما أحل الله له بين كونه العسل أو هو
مارية جاريته - صلى الله عليه وسلم - وسيأتي زيادة إيضاحه عن الكلام على حكمه .
وقوله تعالى :
لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضاة أزواجك [ 66 \ 1 ] ، ظاهر فيه معنى العتاب ، كما في قوله تعالى :
عبس وتولى أن جاءه الأعمى وما يدريك لعله يزكى [ 80 \ 1 - 3 ] .
وكلاهما له علاقة بالجانب الشخصي سواء ابتغاء مرضاة الأزواج ، أو استرضاء صناديد
قريش ، وهذا مما يدل على أن التشريع الإسلامي لا مدخل للأغراض الشخصية فيه .
وبهذا نأخذ
بقياس العكس دليلا واضحا على بطلان قول القائلين : إن إعماره - صلى الله عليه وسلم -
لعائشة من التنعيم كان تطييبا لخاطرها ، ولا يصح لأحد غيرها .
ومحل الاستدلال هو أن من ليس له حق في تحريم ما أحل الله له ابتغاء مرضاة أزواجه لا يحل له إحلال وتجويز ما لا يجوز ابتغاء مرضاتهن ، وهذا ظاهر بين ، ولله الحمد .
أما تحلة اليمين وكفارة الحنث وغير ذلك ، فقد تقدم بيانه للشيخ - رحمة الله تعالى علينا وعليه - عند قوله تعالى :
لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم [ 2 \ 225 ] .
أما حقيقة التحريم هنا ، ونوع الكفارة ، وهل كفر - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك أم أن الله غفر له فلم يحتج لتكفير ، فقد أوضحه الشيخ - رحمة الله تعالى علينا وعليه - في مذكرة الإملاء عند هذه الآية .
[ ص: 220 ] وفي الأضواء عند قوله تعالى في أول سورة " الأحزاب " :
وما جعل أزواجكم اللائي تظاهرون منهن أمهاتكم [ 33 \ 4 ] ، وذلك أن للعلماء نحو عشرين قولا ، ورجح القول بأن التحريم ظهار لما يدل عليه ظاهر القرآن ، وأن القول الذي يليه أنه يمين ، وناقش المسألة بأدلتها هناك .