قوله تعالى :
وإن تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهير .
قال
أبو حيان : الوقف على ( مولاه ) ، وتكون الولاية خاصة بالله ، ويكون (
جبريل ) مبتدأ وما بعده عطف عليه ، ( وظهير ) خبر ، وعليه يكون
جبريل ذكر مرتين بالخصوص أولا وبالعموم ثانيا .
وقيل : الوقف على (
جبريل ) معطوفا على لفظ الجلالة في الولاية ، ثم ابتدئ بصالح المؤمنين وعطف عليهم الملائكة ، ويدخل فيهم
جبريل ضمنا . اهـ .
[ ص: 221 ] فعلى الوقف الأول يكون درج صالح المؤمنين بين
جبريل وبين الملائكة تنبيها على علو
منزلة صالح المؤمنين ، وبيان منزلتهم من عموم الملائكة بعد
جبريل ، وعلى الوقف الثاني فيه عطف
جبريل على لفظ الجلالة في الولاية بالواو ، وليس فيه ما يوهم التعارض مع الحديث في ثم إذ محل العطف هو الولاية ، وهي قدر ممكن من الخلق ومن الله تعالى كما في قوله تعالى :
هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين [ 8 \ 62 ] لأن النصر يكون من الله ويكون من العباد ، من باب الأخذ بالأسباب :
إلا تنصروه فقد نصره الله [ 9 \ 40 ] .
وكما في قوله تعالى :
وينصرون الله ورسوله [ 59 \ 8 ] .
وقوله :
من أنصاري إلى الله [ 3 \ 52 ] ، بخلاف سياق الحديث ، فقد كان في موضوع المشيئة حينما قال الأعرابي :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009632ما شاء الله وشئت . فقال له صلى الله عليه وسلم : " أجعلتني لله ندا ؟ قل ما شاء الله وحده " ; لأن حقيقة المشيئة لله تعالى وحده كما في قوله :
وما تشاءون إلا أن يشاء الله [ 81 \ 29 ] ، وكقوله :
بل لله الأمر جميعا [ 13 \ 31 ] ، وكقوله :
لله الأمر من قبل ومن بعد [ 30 \ 4 ] .
ومن اللطائف في قوله تعالى :
وإن تظاهرا عليه إلى آخر ما سمعته من الشيخ - رحمة الله تعالى علينا وعليه - أنه قال : إن المتظاهرتين على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - امرأتان فقط تآمرتا عليه فيما بينهما ، فجاء بيان الموالين له ضدهما كل من ذكر في الآية . فإن الله هو مولاه
وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة ، ما يدل على عظم كيدهن وضعف الرجال أمامهن ، وقد أشار إلى ذلك قوله تعالى :
إن كيدكن عظيم [ 12 \ 28 ] ، بينما قال في كيد الشيطان :
إن كيد الشيطان كان ضعيفا [ 4 \ 76 ] .
وقد عبر الشاعر عن ذلك بقوله :
ما استعظم الإله كيدهنه إلا لأنهن هن هنه