قوله تعالى :
كذبت ثمود وعاد بالقارعة فأما ثمود فأهلكوا بالطاغية
والطاغية فاعلة من الطغيان ، وهو مجاوزة الحد مطلقا ، كقوله :
إنا لما طغى الماء [ 69 \ 11 ] .
وقوله :
إن الإنسان ليطغى [ 96 \ 6 ] .
وقد اختلف في معنى الطغيان هنا ، فقال قوم : طاغية : عاقر الناقة ، كما في قوله تعالى :
كذبت ثمود بطغواها إذ انبعث أشقاها [ 91 \ 11 - 12 ] ، فتكون الباء سببية ، أي : بسبب طاغيتها ، وقيل : الطاغية : الصيحة الشديدة التي أهلكتهم ، بدليل قوله تعالى :
إنا أرسلنا عليهم صيحة واحدة فكانوا كهشيم المحتظر [ 54 \ 31 ] ، فتكون الباء آلية ، كقولك : كتبت بالقلم ، وقطعت بالسكين .
والذي يشهد له القرآن هو المعنى الثاني ; لقوله تعالى :
وفي ثمود إذ قيل لهم تمتعوا حتى حين فعتوا عن أمر ربهم فأخذتهم الصاعقة وهم ينظرون [ 51 \ 44 ] . وقيل : لا مانع من إرادة المعنيين ; لأنهما متلازمان تلازم المسبب للسبب ; لأن الأول سبب الثاني لما كانوا بعيدا ، ويشير إليه قوله تعالى :
فعتوا عن أمر ربهم فأخذتهم الصاعقة .
[ ص: 258 ] فالعتو هو الطغيان في الفعل ، والصاعقة هي الصيحة الشديدة ، وقد ربط بينهما بالفاء .