قوله تعالى : والذين هم بشهاداتهم قائمون قرئ " بشهاداتهم " بالجمع ، وقرئ " بشهادتهم " بالإفراد ، فقيل : إن الإفراد يؤدي معنى الجمع للمصدر ، كما في قوله :
إن أنكر الأصوات لصوت الحمير [ 31 \ 19 ] . فأفرد في الصوت مرادا به الأصوات .
وقيل : الإفراد لشهادة التوحيد مقيمون عليها . والجمع لتنوع الشهادات بحسب متعلقها ، ولا تعارض بين الأمرين ; فما يشهد لذلك قوله تعالى :
إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا [ 41 \ 30 ] .
[ ص: 296 ] قال
أبو بكر - رضي الله عنه - : أي داموا على ذلك حتى ماتوا عليه .
ويدل للثاني عمومات آية الشهادة المتنوعة في البيع ، والطلاق ، والكتابة في الدين ، وغير ذلك . والله تعالى أعلم .
وفي هذه الآية عدة مسائل :
المسألة الأولى : أطلق
القيام بالشهادة هنا وبين أن قيامهم بها إنما هو لله في قوله تعالى :
وأقيموا الشهادة لله [ 65 \ 2 ] ، وقوله :
ياأيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم [ 4 \ 135 ] .
المسألة الثانية قوله :
بشهاداتهم قائمون في معرض المدح ، وإخراجهم من وصف
إن الإنسان خلق هلوعا [ 70 \ 19 ] يدل بمفهومه أن غير القائمين بشهاداتهم غير خارجين من ذلك الوصف الذميم .
وقد دلت آيات صريحة على هذا المفهوم ، منها قوله تعالى :
ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه آثم قلبه [ 2 \ 283 ] ، وقوله :
ولا نكتم شهادة الله إنا إذا لمن الآثمين [ 5 \ 106 ] .
وكذلك في معرض المدح في وصف عباد الرحمن في قوله :
والذين لا يشهدون الزور [ 25 \ 72 ] .
وفي الحديث من عظم جرم شهادة الزور ، وكان - صلى الله عليه وسلم - متكئا فجلس ، فقال "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009688ألا وشهادة الزور ، ألا وشهادة الزور " ، فما زال يكررها حتى قلنا : ليته سكت " .