قوله تعالى :
فإن كانتا اثنتين فلهما الثلثان مما ترك الآية ، صرح في هذه الآية الكريمة بأن الأختين يرثان الثلثين ، والمراد بهما الأختان لغير أم ، بأن تكونا شقيقتين أو لأب بإجماع العلماء ، ولم يبين هنا ميراث الثلاث من الأخوات فصاعدا ، ولكنه أشار في موضع آخر إلى أن الأخوات لا يزدن على الثلثين ، ولو بلغ عددهن ما بلغ ، وهو قوله تعالى في البنات :
فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك [ 4 \ 11 ] ، ومعلوم أن البنات أمس رحما ، وأقوى سببا في الميراث من الأخوات ، فإذا كن لا يزدن على الثلثين ولو كثرن فكذلك الأخوات من باب أولى ، وأكثر علماء الأصول على أن فحوى الخطاب ، أعني : مفهوم الموافقة ، الذي المسكوت فيه أولى بالحكم من المنطوق ، من قبيل دلالة اللفظ ، لا من قبيل القياس ، خلافا
nindex.php?page=showalam&ids=13790للشافعي وقوم ، وكذلك المساوئ على التحقيق ، فقوله تعالى :
فلا تقل لهما أف [ 17 \ 23 ] ، يفهم منه من باب أولى حرمة ضربهما ، وقوله :
فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره الآية [ 99 \ 7 ] ، يفهم منه من باب أولى أن من عمل مثقال جبل يراه من خير وشر ، وقوله :
وأشهدوا ذوي عدل منكم [ 65 \ 2 ] ، يفهم منه من باب أولى قبول شهادة الثلاثة والأربعة مثلا من العدول ، ونهيه - صلى الله عليه وسلم - عن التضحية بالعوراء ، يفهم منه من باب أولى النهي عن التضحية بالعمياء ، وكذلك في المساوئ ، فتحريم أكل مال اليتيم يفهم منه بالمساواة منع إحراقه وإغراقه ، ونهيه - صلى الله عليه وسلم - عن البول في الماء الراكد ، يفهم منه كذلك أيضا النهي عن البول في إناء وصبه فيه ، وقوله - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007369 " من أعتق شركا له في عبد " الحديث . يفهم منه كذلك أن الأمة كذلك ، ولا نزاع في هذا عند جماهير العلماء ، وإنما خالف فيه بعض
الظاهرية .
ومعلوم أن خلافهم في مثل هذا ، لا أثر له ، وبذلك تعلم أنه تعالى لما صرح بأن
[ ص: 325 ] البنات وإن كثرن ليس لهن غير الثلثين ، علم أن الأخوات كذلك من باب أولى ، والعلم عند الله تعالى .