قوله تعالى : إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا
معلوم أن القول هنا هو القرآن كما قال تعالى
إنه لقول رسول كريم [ 69 \ 40 ] وقوله :
ولقد وصلنا لهم القول لعلهم يتذكرون [ 28 \ 51 ] .
وقوله :
إنه لقول فصل [ 86 \ 13 ] ، وقوله
ومن أصدق من الله قيلا [ 4 \ 122 ] ، ونحو ذلك من الآيات .
ولكن وصفه بالثقل مع أن الثقل للأوزان وهي المحسوسات .
فقال بعض المفسرين : إن الثقل في وزن الثواب ، وقيل في التكاليف به ، وقيل من أثناء نزول الوحي عليه ، وكل ذلك ثابت للقرآن الكريم : فمن جهة نزوله ، فقد ثبت أنه - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أتاه الوحي أخذته
[ ص: 359 ] برحاء شديدة ، وكان يحمر وجهه كأنه مذهبة ، وكان إذا نزل عليه - صلى الله عليه وسلم - وهو في سفره على راحلته بركت به الناقة ، وجاء عن
أنس :
أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان واضعا رأسه على فخذه ، فأتاه الوحي ، قال أنس : فكان فخذي تكاد تنفصل مني ، ومن جانب تكاليفه فقد ثقلت على السماوات والأرض والجبال وأشفقن منها ، كما هو معلوم .
ومن جانب ثوابه : فقد جاء في حديث
مسلم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009742الحمد لله تملأ الميزان ، وسبحان الله والحمد لله تملآن أو تملأ ما بين السماء والأرض " .
وحديث البطاقة وكل ذلك يشهد بعضه لبعض ولا ينافيه .
وقد بين تعالى أن هذا الثقل قد يخففه الله على المؤمنين ، كما في الصلاة في قوله :
وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين الذين يظنون أنهم ملاقو ربهم [ 2 \ 45 - 46 ] ، وكذلك القرآن ثقيل على الكفار ، خفيف على المؤمنين محبب إليهم .
وقد جاء في الآثار أن بعض السلف كان يقوم الليل كله بسورة من سور القرآن تلذذا وارتياحا ، كما قال تعالى :
ولقد يسرنا القرآن للذكر [ 54 \ 17 ] ، فهو ثقيل في وزنه ثقيل في تكاليفه ، ولكن يخففه الله وييسره لمن هداه ووفقه إليه .