قوله تعالى : ألم يك نطفة من مني يمنى ثم كان علقة فخلق فسوى فجعل منه الزوجين الذكر والأنثى أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى [ ص: 377 ] بلى إنه على كل شيء قدير ، مجيء هذا الاستفهام الإنكاري أو التقريري ، بعد
أيحسب الإنسان أن يترك سدى ، وسوق هذه الآيات العظيمات الدالة على القدرة الباهرة ، فيه رد على إنكار ضمني وهو أنه لا يعتقد وجوده سدى ، ولا حساب عليه إلا من استبعد البعث .
ولو أقر بالبعث لآمن بالجزاء واعترف بالسؤال ، وعلم أنه لم يخلق عبثا ، ولن يترك سدى . ولكن لما أنكر البعث ظن وحسب أنه يترك سدى ، فجاء تذكيره بأصل خلقته وتطوره ليستخلص منه اعترافه ; لأن من قدر على خلقه من مني يمنى ، وتطويره إلى علقة ثم إلى خلق سوي ، فهو قادر على بعثه مرة أخرى .
وقد بين الشيخ - رحمة الله تعالى علينا وعليه - هذه الأطوار في أكثر من موضع ، وأحال عليها عند قوله تعالى :
وأنه خلق الزوجين الذكر والأنثى من نطفة إذا تمنى وأن عليه النشأة الأخرى [ 53 \ 45 - 47 ] في سورة " النجم " .