قوله تعالى :
وإن عليكم لحافظين كراما كاتبين يعلمون ما تفعلون
تقدم للشيخ - رحمة الله تعالى علينا وعليه - بيان ذلك في سورة " ق " عند الكلام على قوله تعالى :
إذ يتلقى المتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد [ 50 \ 17 - 18 ] .
وأحال عندها على بعض ما جاء في سورة " مريم " عند قوله تعالى :
كلا سنكتب ما يقول [ 19 \ 79 ] .
وبين - رحمة الله تعالى علينا وعليه - أن هذه الكتابة لإقامة الحجة على الإنسان ، كما في قوله :
ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا [ 17 \ 13 - 14 ] .
وقيل في " حافظين " : يحفظون بدن الإنسان .
[ ص: 451 ] وتقدم للشيخ - رحمة الله تعالى علينا وعليه - في سورة " الأنعام " عند الكلام على قوله تعالى :
ويرسل عليكم حفظة [ 6 \ 61 ] مستدلا بقوله تعالى :
له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله [ 13 \ 11 ] .
ومما تجدر الإشارة إليه ، أن في وصف الحفظة هنا بهذه الصفات ، من كونهم حافظين كراما يعلمون ، فاجتمعت لهم كل صفات التأهيل ، لا على درجات الكناية من حفظ وعلو منزلة ، وعلم بما يكتبون .
وكأنه توجيه لما ينبغي لولاة الأمور مراعاته في استكتاب الكتاب والأمناء .
ولذا قالوا :
على القاضي أن يتخير كاتبا أمينا حسن الخط فاهما .
ومن هذا الوصف يعلم أنه لا يختلط عليهم عمل يعمل ، وكونهم حفظة لا يضيعون شيئا ، ولو كان مثقال الذرة :
فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره الآية [ 99 \ 7 ] .