قوله تعالى :
إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم أجر غير ممنون
قيل : المن : القطع والنقص ، ومنه قول الشاعر :
لمعفر قهد تناثر شلوه غبس كواسب ما يمن طعامها
والقهد : ضرب من الضأن تعلوه حمرة صغيرة آذانه ، والكواسب : الوحوش ، أي : ذئاب أو سباع لا ينقطع طعامها .
وقال
القرطبي : مننت الحبل إذا قطعته .
وسأل
نافع بن الأزرق nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس عنها ، فقال : غير مقطوع ، فقال : هل تعرف ذلك العرب ؟ قال : نعم ، قد عرفه أخو يشكر ، حيث يقول :
فترى خلفهن من سرعة الرجـ ـع منينا كأنه أهباء
قال
nindex.php?page=showalam&ids=15153المبرد : المنين : الغبار ; لأنها تقطعه وراءها .
وقيل : " غير ممنون " أي : غير ممنون به عليهم ، لتكمل النعمة عليهم .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير : " غير ممنون " : أي : غير محسوب ولا منقوص . وذكره عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ومجاهد .
[ ص: 475 ] وقال
ابن كثير : غير مقطوع ، كقوله تعالى :
عطاء غير مجذوذ [ 11 \ 108 ] ، ورد قول من قال : إنه غير ممنون به عليهم ; لأن لله تعالى أن يمتن على عباده ، وهم ما دخلوا الجنة إلا بفضل من الله ومنه عليهم . انتهى .
ومما يشهد لقول
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير " غير محسوب " عموم قوله تعالى :
إن الله يرزق من يشاء بغير حساب [ 3 \ 37 ] ، وخصوص قوله تعالى :
ومن عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة يرزقون فيها بغير حساب [ 40 \ 40 ] .
وقوله تعالى :
جزاء من ربك عطاء حسابا [ 78 \ 36 ] ، فهو بمعنى كافيا من قولك : حسبي : بمعنى كافيني .
والذي يظهر - والله تعالى أعلم - أن كلا من المعنيين مقصود ولا مانع منه ، وما ذهب إليه
ابن كثير لا يتعارض مع قول الآخرين ; لأن المن الممنوع هو ما فيه أذى وتنقيص ، كما في قوله :
ثم لا يتبعون ما أنفقوا منا ولا أذى [ 2 \ 262 ] ، أما المن من الله تعالى على عبده ، فهو عين الإكرام والزلفى إليه سبحانه . والعلم عند الله تعالى .