قوله تعالى :
ليس لهم طعام إلا من ضريع
تكلم الشيخ - رحمة الله تعالى علينا وعليه - في دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب في الجمع بينه وبين قوله تعالى :
فليس له اليوم هاهنا حميم ولا طعام إلا من غسلين [ 69 \ 35 - 36 ] ، وبين الصحيح من معنى الضريع ما هو ، وأنه نبت معروف للعرب ، وهو على الحقيقة لا المجاز .
وقد أورد
nindex.php?page=showalam&ids=16785الفخر الرازي سؤالا والجواب عليه ، وهو : كيف ينبت الضريع في النار ؟ فأجاب بالإحالة على تصور : كيف يبقى جسم الكفار حيا في النار ؟ وكذلك الحيات والعقارب في النار .
وهذا وإن كان وجيها من حيث منطق القدرة ، ولكن القرآن قد صرح بأن النار فيها شجرة الزقوم ، وأنها فتنة للظالمين في قوله :
أذلك خير نزلا أم شجرة الزقوم إنا جعلناها فتنة للظالمين إنها شجرة تخرج في أصل الجحيم طلعها كأنه رءوس الشياطين فإنهم لآكلون منها فمالئون منها البطون [ 37 \ 62 - 66 ] ، فأثبت شجرة تخرج في أصل الجحيم ، وأثبت لها لازمها وهو : طلعها في تلك الصورة البشعة ، وأثبت لازم اللازم وهو : أكلهم منها حتى ملء البطون .
والحق أن هذا السؤال وجوابه قد أثاره المبطلون ، ولكن غاية ما في الأمر سلب خاصية الإحراق في النار عن النبات ، وليس هذا ببعيد على قدرة من خلق النار وجعل لها الخاصية .
وقد وجد نظيره في الدنيا فتلك نار
النمروذ ، كانت تحرق الطير في الجو إذا اقترب منها ، وعجزوا عن الدنو إليها ; ليلقوا فيها
إبراهيم ووضعوه في المنجنيق ورموه من بعيد ، ومع ذلك حفظه الله منها بقوله تعالى لها :
كوني بردا وسلاما على إبراهيم [ 21 \ 69 ] ، فسبحان من بيده ملكوت كل شيء .