قوله تعالى :
أليس الله بأحكم الحاكمين .
السؤال كما تقدم في :
ألم نشرح [ 94 \ 1 ] ، أي : للإثبات ، وهو سبحانه وتعالى بلا شك أحكم الحاكمين ، كما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا قرأها قال : " اللهم بلى " كما سيأتي .
وأحكم الحاكمين ، قيل : أفعل تفضيل من الحكم أي : أعدل الحاكمين ، كما في
[ ص: 11 ] قوله تعالى :
ولا يظلم ربك أحدا [ 18 \ 49 ] .
وقيل : من الحكمة ، أي : في الصنع والإتقان والخلق ، فيكون اللفظ مشتركا ، ولا يبعد أن يكون من المعنيين معا ، وإن كان هو في الحكم أظهر ; لأن الحكيم من الحكمة يجمع على الحكماء .
فعلى القول بالأمرين : يكون من استعمال المشترك في معنييه معا ، وهو هنا لا تعارض بل هما متلازمان ; لأن الحكيم لا بد أن يعدل ، والعادل لا بد أن يكون حكيما يضع الأمور في مواضعها .
وقد بين تعالى هذا المعنى في عدة مواطن كقوله تعالى :
أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض أم نجعل المتقين كالفجار [ 38 \ 28 ] ، الجواب : لا ، وكقوله :
أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون [ 45 \ 21 ] ، وفي قوله
ساء ما يحكمون بيان لعدم عدالتهم في الحكم ، وبعده عن الحكمة .
ومعلوم أن عدم التسوية بينهم في مماتهم أنه بالبعث والجزاء ، فهو سبحانه أحكم الحاكمين في صنعه وخلقه . خلق الإنسان في أحسن تقويم ، وأعدل الحكام في حكمه لم يسو بين المحسن والمسيء .
وقد اتفق المفسرون على رواية
الترمذي لحديث
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009835من قرأ والتين والزيتون ، فقرأ أليس الله بأحكم الحاكمين ، فليقل : بلى ، وأنا على ذلك من الشاهدين " .
ومثله عن
جابر مرفوعا ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قوله : "
سبحانك اللهم ، فبلى " . والعلم عند الله تعالى .