وإذا تم بهذا الاستدلال على قدرة الرب الخالق ، كان بعده
إقامة الدليل على صحة النبوة ورسالة الرسول صلى الله عليه وسلم ، فجاءت المسألة السادسة وهي إعادة القراءة في قوله :
اقرأ وربك الأكرم ، إذ أقام الدليل على أنك مرسل من الله تبلغ عنه وتقرأ باسمه ، فاعلم أن تلك القراءة وهذا الوحي من ربك الأكرم ، والأكرم قالوا : هو الذي يعطي بدون مقابل ، ولا انتظار مقابل ، والواقع أن مجيء الوصف هنا بالأكرم بدلا من أي صفة أخرى ، لما في هذه الصفة من تلاؤم للسياق ، ما لا يناسب مكانها غيرها لعظم العطاء وجزيل المنة .
فأولا : رحمة الخليقة بهذه القراءة التي ربطت العباد بربهم . وكفى .
وثانيا : نعمة الخلق والإيجاد ، فهما نعمتان متكاملتان : الإيجاد من العدم بالخلق ، والإيجاد الثاني من الجهل إلى العلم ، ولا يكون هذا كله إلا من الرب الأكرم سبحانه .