قوله تعالى :
جزاؤهم عند ربهم جنات عدن تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا .
فيه أربع مسائل ; ثلاثة مجملة جاء بيانها في القرآن . والرابعة مفصلة ولها شواهد .
وأما الثلاثة المجملة فأولها قوله :
جزاؤهم عند ربهم ، إذ الجزاء في مقابل شيء يستوجبه ، وعند ربهم تشعر بأنه تفضل منه ، وإلا لقال : جزاؤهم على ربهم .
وقد بين ذلك صريح قوله تعالى :
إن للمتقين مفازا حدائق وأعنابا وكواعب أترابا وكأسا دهاقا لا يسمعون فيها لغوا ولا كذابا جزاء من ربك عطاء حسابا [ 78 \ 31 - 36 ] ، فنص على أن هذا الجزاء كله من ربهم عطاء لهم من عنده .
[ ص: 53 ] الثانية والثالثة قوله :
جنات عدن تجري من تحتها الأنهار ، فأجمل ما في الجنات ، ونص على أنها تجري من تحتها الأنهار ، مع إجمال تلك الأنهار ، وقد فصلت آية :
عم يتساءلون [ 78 \ 1 ] ما أعد لهم في الجنة من حدائق وأعناب وكواعب وشراب وطمأنينة ، وعدم سماع اللغو إلى آخره . كما جاء تفصيل الأنهار في سورة القتال ، في قوله تعالى :
مثل الجنة التي وعد المتقون فيها أنهار من ماء غير آسن وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وأنهار من خمر لذة للشاربين وأنهار من عسل مصفى ولهم فيها من كل الثمرات ومغفرة من ربهم [ 47 \ 15 ] ، والخلود في هذا النعيم هو تمام النعيم .