قوله تعالى :
ذلك لمن خشي ربه .
اسم الإشارة منصب على مجموع الجزاء المتقدم ، وقد تقدم أنه للذين آمنوا وعملوا الصالحات ، وهنا يقول : إنه لمن خشي ربه ، مما يفيد أن تلك الأعمال تصدر منهم عن رغبة ورهبة . رغبة فيما عند الله ، ورهبة من الله ، ومثله قوله تعالى :
ولمن خاف مقام ربه جنتان [ 55 \ 46 ] ، وقوله :
وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى .
[ 79 \ 40 - 41 ]
والواقع أن صفة
الخوف من الله تعالى هي أجمع صفات الخير في الإنسان ; لأنها صفة للملائكة المقربين .
كما قال تعالى عنهم :
يخافون ربهم من فوقهم ويفعلون ما يؤمرون [ 16 \ 50 ] .
[ ص: 55 ] وقد عم الحكم في ذلك بقوله تعالى :
إن الذين يخشون ربهم بالغيب لهم مغفرة وأجر كبير [ 67 \ 12 ] .
وفي هذه الآية السر الأعظم ، وهو كون الخشية في الغيبة عن الناس ، وهذا أعلى مراتب المراقبة لله ، والخشية أشد الخوف .