[ ص: 70 ] بسم الله الرحمن الرحيم
سورة القارعة
قوله تعالى :
القارعة ما القارعة وما أدراك ما القارعة .
وتقدم للشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه في أول سورة الواقعة ، وقال : كالطامة والصاخة ، والآزفة ، والقارعة . ا هـ . أي وكذلك الصاخة والساعة .
ومعلوم أن الشيء إذا عظم خطره كثرت أسماؤه .
أو كما روي عن الإمام
علي : كثرة الأسماء تدل على عظم المسمى .
ومعلوم أن ذلك ليس من المترادفات ، فإن لكل اسم دلالة على معنى خاص به .
فالواقعة لصدق وقوعها ، والحاقة لتحقق وقوعها ، والطامة لأنها تطم وتعم بأحوالها ، والآزفة من قرب وقوعها "
أزفت الآزفة " مثل "
اقتربت الساعة " ، وهكذا هنا .
قالوا : القارعة : من قرع الصوت الشديد لشدة أهوالها .
وقيل : القارعة اسم للشدة .
قال
القرطبي : تقول العرب : قرعتهم القارعة وفقرتهم الفاقرة ، إذا وقع بهم أمر فظيع .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير :
وقارعة من الأيام لولا سبيلهم لزاحت عنك حينا
وقال تعالى :
ولا يزال الذين كفروا تصيبهم بما صنعوا قارعة [ 13 \ 31 ] ، وهي الشديدة من شدائد الدهر .
[ ص: 71 ] وقوله :
وما أدراك ما القارعة ، تقدم قولهم : إن كل ما جاء " وما أدراك " أنه يدريه ، وما جاء " وما يدريك " لا يدريه .
وقد أدراه هنا بقوله :
يوم يكون الناس كالفراش المبثوث وتكون الجبال كالعهن المنفوش [ 101 \ 4 - 5 ] ، وهذا حال من أحوالها .
وقد بين بعض الأحوال الأخرى في الواقعة بأنها
خافضة رافعة [ 56 \ 3 ] ، وفي الطامة والصاخة :
ينظر المرء ما قدمت يداه [ 78 \ 40 ] .
وقوله :
يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه [ 80 \ 34 - 35 ] .
وأيضا فإن كل حالة يذكر معها الحال الذي يناسبها ، فالقارعة من القرع وهو الضرب ، ناسب أن يذكر معها ما يوهن قوى الإنسان إلى ضعف الفراش المبثوث ، ويفكك ترابط الجبال إلى هباء العهن المنفوش .