[ ص: 137 ] بسم الله الرحمن الرحيم
سورة النصر
قوله تعالى :
إذا جاء نصر الله والفتح .
فيه ذكر النصر والفتح ، مع أن كلا منهما مرتبط بالآخر : فمع كل نصر فتح ، ومع كل فتح نصر .
فهل هما متلازمان أم لا ؟
كما جاء النصر مضافا إلى الله تعالى ، والفتح مطلقا .
أولا : اتفقوا على نزول هذه السورة بعد فتح
مكة .
ومعلوم : أنه سبق فتح
مكة عدة فتوحات .
منها فتح
خيبر ، ومنها صلح
الحديبية ، سماه الله تعالى فتحا في قوله :
فعلم ما لم تعلموا فجعل من دون ذلك فتحا قريبا [ 48 \ 27 ] .
والنصر يكون في معارك القتال ويكون بالحجة والسلطان ، ويكون بكف العدو ، كما في الأحزاب .
ورد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرا وكفى الله المؤمنين القتال وكان الله قويا عزيزا [ 33 \ 25 ] .
وكما في
اليهود قوله :
وأنزل الذين ظاهروهم من أهل الكتاب من صياصيهم وقذف في قلوبهم الرعب فريقا تقتلون وتأسرون فريقا وأورثكم أرضهم وديارهم وأموالهم وأرضا لم تطئوها وكان الله على كل شيء قديرا [ 33 \ 26 - 27 ] .
فالنصر حق من الله :
وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم [ 3 \ 126 ] .
وقد علم المسلمون ذلك ، كما جاء في قوله تعالى :
مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله [ 2 \ 214 ] ، فهم يتطلعون إلى النصر .
[ ص: 138 ] ويأتيهم الجواب :
ألا إن نصر الله قريب [ 2 \ 214 ] .
وجاء قوله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009478 " نصرت بالرعب مسيرة شهر " .
وقد قال تعالى
لموسى وأخيه :
لا تخافا إنني معكما أسمع وأرى [ 20 \ 46 ] ، فهو نصر معية وتأييد ، فالنصر هنا عام .
وكذلك الفتح في الدين بانتشار الإسلام ، وأعظم الفتح فتحان : فتح
الحديبية ، وفتح
مكة .
إذ الأول تمهيد للثاني ، والثاني قضاء على دولة الشرك في الجزيرة ، ويدل لإرادة العموم في النصر والفتح .