قوله تعالى :
ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم الآية .
هذه الآية تدل بظاهرها على أنهم مجبورون لأن من ختم على قلبه وجعلت الغشاوة على بصره سلبت منه القدرة على الإيمان ، وقد جاء في آيات أخر ما يدل على أن كفرهم واقع بمشيئتهم وإرادتهم ، كقوله تعالى :
فاستحبوا العمى على الهدى [ 41 \ 17 ] .
وكقوله تعالى :
أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى والعذاب بالمغفرة [ 2 \ 175 ] .
وكقوله :
فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر الآية [ 18 \ 29 ] ، وكقوله
ذلك بما قدمت أيديكم الآية [ 3 \ 182 ] .
وكقوله :
لبئس ما قدمت لهم أنفسهم الآية [ 5 \ 80 ] .
والجواب أن الختم والطبع والغشاوة المجعولة على أسماعهم وأبصارهم وقلوبهم ، كل ذلك عقاب من الله لهم على مبادرتهم للكفر وتكذيب الرسل باختيارهم ومشيئتهم ، فعاقبهم الله بعدم التوفيق جزاء وفاقا ، كما بينه تعالى بقوله :
بل طبع الله عليها بكفرهم [ 4 \ 155 ] .
[ ص: 203 ] وقوله :
ذلك بأنهم آمنوا ثم كفروا فطبع على قلوبهم [ 63 \ 3 ] .
وبقوله :
ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة [ 6 \ 110 ] .
وقوله :
فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم [ 61 \ 5 ] .
وقوله :
في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا الآية [ 2 \ 10 ] .
وقوله :
بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون [ 83 \ 14 ] ، إلى غير ذلك من الآيات .