قوله تعالى : ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة .
وصف الله المؤمنين في هذه الآية بكونهم أذلة حال نصره لهم
ببدر ، وقد جاء في آية أخرى وصفه تعالى لهم بأن لهم العزة وهي قوله تعالى :
ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين [ 63 \ 8 ] ، ولا يخفى ما بين العزة والذلة من التنافي والتضاد .
والجواب ظاهر ، وهو أن معنى وصفهم بالذلة هو قلة عددهم وعددهم يوم
بدر ،
[ ص: 243 ] وقوله تعالى :
ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين نزل في غزوة المريسيع وهي غزوة
بني المصطلق ، وذلك بعد أن قويت شوكة المسلمين وكثر عددهم وعددهم مع أن العزة والذلة يمكن الجمع بينهما باعتبار آخر ، وهو أن الذلة باعتبار حال المسلمين من قلة العدد والعدد ، والعزة باعتبار نصر الله وتأييده كما يشير إلى هذا قوله تعالى :
واذكروا إذ أنتم قليل مستضعفون في الأرض تخافون أن يتخطفكم الناس فآواكم وأيدكم بنصره [ 8 \ 26 ] .
وقوله :
ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة [ 3 \ 123 ] ، فإن زمان الحال هو زمان عاملها ، فزمان النصر هو زمان كونهم أذلة ، فظهر أن وصف الذلة باعتبار ، ووصف النصر والعزة باعتبار آخر ، فانفكت الجهة ، والعلم عند الله تعالى .