قوله تعالى :
قال الله إني منزلها عليكم فمن يكفر بعد منكم فإني أعذبه عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين .
هذه الآية الكريمة تدل على أن
أشد الناس عذابا يوم القيامة من كفر من أصحاب المائدة .
وقد جاء في بعض الآيات ما يوهم خلاف ذلك كقوله :
إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار [ 4 \ 145 ] ، وقوله :
ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب [ 40 \ 46 ] .
والجواب : أن آية :
أدخلوا آل فرعون وآية :
إن المنافقين لا منافاة بينهما ، لأن كلا من
آل فرعون والمنافقين في أسفل دركات النار في أشد العذاب ، وليس
[ ص: 276 ] في الآيتين ما يدل على أن بعضهم أشد عذابا من الآخر .
وأما قوله :
فإني أعذبه الآية ، فيجاب عنه من وجهين :
الأول : وهو ما قاله
ابن كثير : أن المراد بـ :
العالمين عالمو زمانهم وعليه فلا إشكال ، ونظيره قوله تعالى :
وأني فضلتكم على العالمين [ 2 \ 147 ] ، كما تقدم .
الثاني : ما قاله البعض من أن المراد به العذاب الدنيوي الذي هو - مسخهم خنازير ، ولكن يدل لأنه عذاب الآخرة ما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير عن
nindex.php?page=showalam&ids=13عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أنه قال : " أشد الناس عذابا يوم القيامة ثلاثة : المنافقون ومن كفر من أصحاب المائدة وآل فرعون " .
وهذا الإشكال في أصحاب المائدة لا يتوجه إلا على القول بنزول المائدة ، وأن بعضهم كفر بعد نزولها ، أما على قول
الحسن ومجاهد أنهم خافوا من الوعيد فقالوا : لا حاجة لنا في نزولها فلم تنزل فلا إشكال .
ولكن ظاهر قوله تعالى :
إني منزلها [ 5 \ 15 ] يخالف ذلك ، وعلى القول بنزولها لا يتوجه الإشكال إلا إذا ثبت كفر بعضهم كما لا يخفى .