صفحة جزء
[ ص: 315 ] بسم الله الرحمن الرحيم

سورة إبراهيم

قوله تعالى : ويأتيه الموت من كل مكان الآية .

يفهم من ظاهره موت الكافر في النار ، وقوله : وما هو بميت [ 14 \ 17 ] ، يصرح بنفي ذلك .

والجواب أن معنى : ويأتيه الموت أي أسبابه المقتضية له عادة ، إلا أن الله يمسك روحه في بدنه مع وجود ما يقتضي موته عادة ، وأوضح هذا المعنى بعض المتأخرين ممن لا حجة في قوله بقوله :


لقد قتلتك بالهجاء فلم تمت إن الكلاب طويلة الأعمار

قوله تعالى : يوم تبدل الأرض غير الأرض الآية .

هذه الآية الكريمة فيها التصريح بتبديل الأرض يوم القيامة ، وقد جاء في آية أخرى ما يتوهم منه أنها تبقى ولا تتغير ، وهي قوله تعالى : إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها لنبلوهم أيهم أحسن عملا وإنا لجاعلون ما عليها صعيدا جرزا [ 18 \ 7 - 8 ] ، فإنه تعالى في هذه الآية صرح بأنه جعل ما على الأرض زينة لها لابتلاء الخلق ، ثم بين أنه يجعل ما على الأرض صعيدا جرزا ، ولم يذكر أنه يغير نفس الأرض ، فيتوهم منه أن التغيير حاصل في ما عليها دون نفسها .

والجواب هو أن حكمة ذكر ما عليها دونها ، لأن ما على الأرض من الزينة والزخارف ومتاع الدنيا ، هو سبب الفتنة والطغيان ، ومعصية الله تعالى .

فالإخبار عنه بأنه فان زائل فيه أكبر واعظ وأعظم زاجر ، عن الافتتان به ، ولهذه الحكمة خص بالذكر ، فلا ينافي تبديل الأرض المصرح به في الآية الأخرى ، كما هو [ ص: 316 ] ظاهر ، مع أن مفهوم قوله : ما عليها مفهوم لقب لأن الموصول الذي هو واقع على جميع الأجناس الكائنة على الأرض زينة لها ، ومفهوم اللقب لا يعتبر عند الجمهور ، وإذا كان لا اعتبار به لم تظهر منافاة أصلا ، والعلم عند الله تعالى .

التالي السابق


الخدمات العلمية