[ ص: 365 ] بسم الله الرحمن الرحيم
سورة لقمان
قوله تعالى :
وصاحبهما في الدنيا معروفا .
هذه الآية الكريمة تدل على
الأمر ببر الوالدين الكافرين ، وقد جاءت آية أخرى يفهم منها خلاف ذلك وهي قوله تعالى :
لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله [ 58 \ 22 ] .
ثم نص على دخول الآباء في هذا بقوله :
ولو كانوا آباءهم [ 58 \ 22 ] ، والذي يظهر لي والله تعالى أعلم ، أنه لا معارضة بين الآيتين .
ووجه الجمع بينهما أن المصاحبة بالمعروف أعم من الموادة ، لأن الإنسان يمكنه إسداء المعروف لمن يوده ومن لا يوده ،
والنهي عن الأخص لا يستلزم النهي عن الأعم ، فكأن الله حذر من المودة المشعرة بالمحبة والموالاة بالباطن لجميع الكفار يدخل في ذلك الآباء وغيرهم ، وأمر الإنسان بأن لا يفعل لوالديه إلا المعروف وفعل المعروف لا يستلزم المودة لأن المودة من أفعال القلوب لا من أفعال الجوارح .
ومما يدل لذلك
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009969إذنه صلى الله عليه وسلم لأسماء بنت أبي بكر الصديق أن تصل أمها وهي كافرة ، وقال بعض العلماء : إن قصتها سبب لنزول قوله تعالى :
لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين الآية [ 60 \ 8 ] .
قوله تعالى :
ياأيها الناس اتقوا ربكم واخشوا يوما لا يجزي والد عن ولده الآية .
هذه الآية تدل بظاهرها على أن
يوم القيامة لا ينفع فيه والد ولده ، وقد جاءت آية أخرى تدل على
رفع درجات الأولاد بسبب صلاح آبائهم حتى يكونوا في درجة الآباء مع أن عملهم - أي الأولاد - لم يبلغهم تلك الدرجة إقرارا لعيون الآباء بوجود الأبناء معهم في منازلهم من الجنة وذلك نفع لهم ، وهي قوله تعالى :
والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم من شيء الآية [ 52 \ 21 ] .
[ ص: 366 ] ووجه الجمع أشير إليه بالقيد الذي في هذه الآية وهو قوله تعالى :
واتبعتهم ذريتهم بإيمان وعين فيها النفع بأن إلحاقهم بهم في درجاتهم يقيد الإيمان ، فهي أخص من الآية الأخرى والأخص لا يعارض الأعم ، وعلى قول من فسر الآية بأن معنى قوله :
لا يجزي والد عن ولده لا يقضي عنه حقا لزمه ولا يدفع عنه عذابا حق عليه ، فلا إشكال في الآية .
وسيأتي لهذا زيادة إيضاح في سورة " النجم " في الكلام على :
وأن ليس للإنسان إلا ما سعى الآية [ 53 \ 39 ] ، إن شاء الله تعالى .