قوله تعالى :
لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان ، قد قدمنا في سورة البقرة أن
المراد بما عقدتم الأيمان ، هو ما قصدتم عقد اليمين فيه ، لا ما جرى على ألسنتكم من غير قصد نحو " لا والله " و " بلى والله " ، ومنه قول
nindex.php?page=showalam&ids=14899الفرزدق : [ الطويل ]
ولست بمأخوذ بلغو تقوله إذا لم تعمد عاقدات العزائم
وهذا العقد معنوي ، ومنه قول
الحطيئة : [ البسيط ]
قوم إذا عقدوا عقدا لجارهم شدوا العناج وشدوا فوقه الكربا
وقرأه
حمزة ،
nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي ،
وشعبة عن
عاصم : عقدتم [ 5 \ 89 ] ، بالتخفيف بلا ألف ، وقرأه
ابن ذكوان عن
ابن عامر : عاقدتم بألف بوزن فاعل ، وقرأه الباقون بالتشديد من غير ألف ، والتضعيف والمفاعلة : معناهما مجرد الفعل بدليل قراءة عقدتم بلا ألف ، ولا تضعيف ، والقراءات يبين بعضها بعضا ، و " ما " في قوله : بما عقدتم مصدرية على التحقيق لا موصولة ، كما قاله بعضهم زاعما أن ضمير الرابط محذوف .
وفي
المراد باللغو في الآية أقوال ، أشهرها عند العلماء اثنان :
الأول : أن اللغو ما يجري على لسان الإنسان من غير قصد ، كقوله : " لا والله " و " بلى والله " .
وذهب إلى هذا القول :
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ،
وعائشة في إحدى الروايتين عنها ، وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس في أحد قوليه ،
nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي ،
وعكرمة في أحد قوليه ،
nindex.php?page=showalam&ids=16561وعروة بن الزبير ،
وأبي صالح ،
والضحاك في أحد قوليه ،
وأبي قلابة ،
nindex.php?page=showalam&ids=12300والزهري ، كما نقله عنهم
ابن كثير ، وغيره .
القول الثاني : أن اللغو هو أن يحلف على ما يعتقده ، فيظهر نفيه ، وهذا هو
[ ص: 421 ] مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك بن أنس ، وقال : إنه أحسن ما سمع في معنى اللغو ، وهو مروي أيضا عن
عائشة ،
nindex.php?page=showalam&ids=3وأبي هريرة ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس في أحد قوليه ،
nindex.php?page=showalam&ids=16049وسليمان بن يسار ،
nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير ،
ومجاهد في أحد قوليه ،
nindex.php?page=showalam&ids=12354وإبراهيم النخعي في أحد قوليه ،
والحسن ،
nindex.php?page=showalam&ids=15917وزرارة بن أوفى ،
وأبي مالك ،
nindex.php?page=showalam&ids=16566وعطاء الخراساني ،
nindex.php?page=showalam&ids=15558وبكر بن عبد الله ، وأحد قولي
عكرمة ،
nindex.php?page=showalam&ids=15683وحبيب بن أبي ثابت ،
والسدي ،
ومكحول ،
ومقاتل ،
nindex.php?page=showalam&ids=16248وطاوس ،
وقتادة ،
nindex.php?page=showalam&ids=14354والربيع بن أنس ،
nindex.php?page=showalam&ids=17293ويحيى بن سعيد ،
وربيعة ، كما نقله عنهم
ابن كثير .
والقولان متقاربان ، واللغو يشملهما ; لأنه في الأول لم يقصد عقد اليمين أصلا ، وفي الثاني لم يقصد إلا الحق والصواب ، وغير هذين القولين من الأقوال تركته لضعفه في نظري ، واللغو في اللغة : هو الكلام بما لا خير فيه ، ولا حاجة إليه ، ومنه حديث : " إذا قلت لصاحبك ، والإمام يخطب يوم الجمعة ، أنصت ، فقد لغوت أو لغيت " .
وقول
العجاج : [ الرجز ]
ورب أسراب حجيج كظم عن اللغا ورفث التكلم