المسألة الخامسة : إذا
حلف لا يفعل أمرا من المعروف كالإصلاح بين الناس ونحوه ، فليس له الامتناع من ذلك والتعلل باليمين ، بل عليه أن يكفر عن يمينه ، ويأتي الذي هو خير ; لقوله تعالى :
ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم أن تبروا وتتقوا وتصلحوا بين الناس الآية [ 2 \ 224 ] ، أي لا تجعلوا أيمانكم بالله تعالى مانعة لكم من البر ، وصلة الرحم إذا حلفتم على تركها ، ونظير الآية قوله تعالى في حلف
أبي بكر - رضي الله عنه - ألا ينفق على
مسطح ، لما قال في
عائشة رضي الله عنها ما قال :
ولا يأتل أولو الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولي القربى والمساكين والمهاجرين في سبيل الله وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم [ 24 \ 22 ] .
وقوله - صلى الله عليه وسلم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007472والله لأن يلج أحدكم بيمينه في أهله آثم له عند الله من أن يعطي كفارته التي افترض الله عليه " ، متفق عليه من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة .
وقوله - صلى الله عليه وسلم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007473إني والله - إن شاء الله - لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيرا منها إلا أتيت الذي هو خير وتحللتها " ، متفق عليه أيضا من حديث
أبي موسى .
وقوله - صلى الله عليه وسلم -
nindex.php?page=showalam&ids=77لعبد الرحمن بن سمرة : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007474يا nindex.php?page=showalam&ids=77عبد الرحمن بن سمرة ، لا تسأل الإمارة ، فإنك إن أعطيتها من غير مسألة أعنت عليها ، وإن أعطيتها عن مسألة وكلت إليها ، وإذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيرا منها فأت الذي هو خير ، وكفر عن يمينك " ، متفق عليه أيضا ، والأحاديث في الباب كثيرة . وهذا هو الحق في المسألة خلافا لمن قال :
[ ص: 426 ] كفارتها تركها متمسكا بأحاديث وردت في ذلك ، قال
أبو داود : والأحاديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - كلها : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007475فليكفر عن يمينه " ، وهي الصحاح ، والعلم عند الله تعالى .
قوله تعالى :
تحرير رقبة ، لم يقيد هنا
رقبة كفارة اليمين بالإيمان ، وقيد به كفارة القتل خطأ .
وهذه من مسائل
المطلق والمقيد في حالة اتفاق الحكم ، مع اختلاف السبب ، وكثير من العلماء يقولون فيه بحمل المطلق على المقيد ، فتقيد رقبة اليمين والظهار بالقيد الذي في رقبة القتل خطأ ، حملا للمطلق على المقيد ، وخالف في ذلك
أبو حنيفة ومن وافقه .
وقد أوضحنا هذه المسألة في كتابنا " دفع إيهام الاضطراب " ، في سورة النساء عند قوله تعالى :
فتحرير رقبة مؤمنة [ 4 \ 92 ] ; ولذلك لم نطل الكلام بها هنا ، والمراد بالتحرير الإخراج من الرق ، وربما استعملته العرب في الإخراج من الأسر ، والمشقات ، وتعب الدنيا ونحو ذلك ، ومنه قول والدة
مريم : إني
نذرت لك ما في بطني محررا [ 3 \ 35 ] ، أي من تعب أعمال الدنيا ، ومنه قول
الفرزدق همام بن غالب التميمي : [ الكامل ]
أبني غدانة إنني حررتكم فوهبتكم لعطية بن جعال
يعني حررتكم من الهجاء ، فلا أهجوكم .