قوله تعالى :
يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ، هذه الآية الكريمة يفهم من دليل خطابها ، أي مفهوم مخالفتها ، أنهم
إن حلوا من إحرامهم جاز لهم قتل الصيد ، وهذا المفهوم مصرح به في قوله تعالى :
وإذا حللتم فاصطادوا [ 5 \ 2 ] ، يعني إن شئتم ، كما تقدم إيضاحه في أول هذه السورة الكريمة .
قوله تعالى :
ومن قتله منكم متعمدا ، الآية .
[ ص: 429 ] ذهب جمهور العلماء إلى أن معنى هذه الآية الكريمة :
ومن قتله منكم متعمدا لقتله ذاكرا حرامه ، وخالف
مجاهد - رحمه الله - الجمهور قائلا : إن معنى الآية :
ومن قتله منكم متعمدا لقتله في حال كونه ناسيا لإحرامه ، واستدل لذلك بقوله تعالى :
ومن عاد فينتقم الله منه [ 5 \ 95 ] ، كما سيأتي إيضاحه إن شاء الله تعالى .
وقد قدمنا في ترجمة هذا الكتاب أن من أنواع البيان التي تضمنها أن يقول بعض العلماء في الآية قولا ، ويكون فيها قرينة دالة على عدم صحة ذلك القول ، وإذا عرفت ذلك فاعلم أن في الآية قرينة واضحة دالة على عدم صحة قول
مجاهد - رحمه الله - وهي قوله تعالى :
ليذوق وبال أمره ، فإنه يدل على أنه متعمدا أمرا لا يجوز ، أما الناسي فهو غير آثم إجماعا ، فلا يناسب أن يقال فيه :
ليذوق وبال أمره [ 5 \ 95 ] ، كما ترى ، والعلم عند الله تعالى .