المسألة الثالثة عشرة : اعلم أن جماهير العلماء على
إباحة صيد وج ، وقطع شجره ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي - رحمه الله تعالى : أكره صيد
وج ، وحمله المحققون من أصحابه على كراهة التحريم .
[ ص: 458 ] واختلفوا فيه على القول بحرمته ، هل فيه جزاء
كحرم المدينة أو لا شيء فيه ؟ ولكن يؤدب قاتله ، وعليه أكثر الشافعية .
وحجة من قال بحرمة صيد
وج ما رواه
أبو داود ،
وأحمد ،
nindex.php?page=showalam&ids=12070والبخاري في " تاريخه " ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15الزبير بن العوام - رضي الله عنه : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007530صيد وج محرم " الحديث .
قال
ابن حجر في " التلخيص " : سكت عليه
أبو داود ، وحسنه
المنذري ، وسكت عليه
عبد الحق ، فتعقبه
nindex.php?page=showalam&ids=12858ابن القطان بما نقل عن
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ، أنه لم يصح ، وكذا قال
الأزدي .
وذكر
الذهبي ، أن
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي صححه ، وذكر
الخلال أن
أحمد ضعفه ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان في رواية المنفرد به ، وهو
محمد بن عبد الله بن إنسان الطائفي ، كان يخطئ ، ومقتضاه تضعيف الحديث فإنه ليس له غيره ، فإن كان أخطأ فيه فهو ضعيف ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14798العقيلي : لا يتابع إلا من جهة تقاربه في الضعف ، وقال
النووي في " شرح المهذب " : إسناده ضعيف .
وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في " تاريخه " في ترجمة
عبد الله بن إنسان : أنه لا يصح .
وقال
ابن حجر في " التقريب " في
محمد بن عبد الله بن إنسان الثقفي الطائفي المذكور : لين الحديث ، وكذلك أبوه
عبد الله الذي هو شيخه في هذا الحديث قال فيه أيضا : لين الحديث ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13439ابن قدامة في " المغني " في هذا الحديث في صيد
وج : ضعفه
أحمد ، ذكره
الخلال في كتاب " العلل " ، فإذا عرفت هذا ظهر لك أن حجة الجمهور في إباحة صيد
وج وشجره ، كون الحديث لم يثبت ، والأصل براءة الذمة ،
ووج : بفتح الواو وتشديد الجيم ، أرض
بالطائف ، وقال بعض العلماء : هو واد بصحراء
الطائف ، وليس المراد به نفس بلدة
الطائف ، وقيل : هو كل أرض
الطائف ، وقيل : هو اسم لحصون
الطائف ، وقيل : لواحد منها ، وربما التبس
وج المذكور بوح بالحاء المهملة وهي ناحية نعمان .
فإذا عرفت حكم صيد المحرم ، وحكم صيد
مكة والمدينة ووج مما ذكرنا ، فاعلم أن الصيد المحرم ، إذا كان بعض قوائمه في الحل وبعضها في
الحرم ، أو كان على غصن ممتد في الحل ، وأصل شجرته في
الحرم ، فاصطياده حرام على التحقيق تغليبا
[ ص: 459 ] لجانب حرمة
الحرم فيهما .
أما إذا كان أصل الشجرة في الحل ، وأغصانها ممتدة في
الحرم ، فاصطاد طيرا واقعا على الأغصان الممتدة في
الحرم ، فلا إشكال في أنه مصطاد في
الحرم ; لكون الطير في هواء
الحرم .
واعلم أن ما ادعاه بعض الحنفية ، من أن أحاديث تحديد
حرم المدينة مضطربة ; لأنه وقع في بعض الروايات باللابتين ، وفي بعضها بالحرتين ، وفي بعضها بالجبلين ، وفي بعضها بالمأزمين ، وفي بعضها
بعير وثور ، غير صحيح لظهور الجمع بكل وضوح ; لأن اللابتين هما الحرتان المعروفتان ، وهما حجارة سود على جوانب
المدينة ، والجبلان هما المأزمان ، وهما
عير وثور والمدينة بين الحرتين ، كما أنها أيضا بين
ثور وعير ، كما يشاهده من نظرها ،
وثور جبيل صغير يميل إلى الحمرة بتدوير خلف
أحد من جهة الشمال .
فمن ادعى من العلماء أنه ليس في
المدينة جبل يسمى
ثورا ، فغلط منه ; لأنه معروف عند الناس إلى اليوم ، مع أنه ثبت في الحديث الصحيح .
واعلم أنه على قراءة الكوفيين : فجزاء مثل الآية ، بتنوين " جزاء " ورفع مثل فالأمر واضح ، وعلى قراءة الجمهور فجزاء مثل بالإضافة ، فأظهر الأقوال أن الإضافة بيانية ، أي جزاء هو مثل ما قتل من النعم ، فيرجع معناه إلى الأول ، والعلم عند الله تعالى .