قوله تعالى : ( ولا يقبل منها شفاعة ) الآية ، ظاهر هذه الآية عدم قبول الشفاعة مطلقا يوم القيامة ، ولكنه بين في مواضع أخر أن الشفاعة المنفية هي الشفاعة للكفار ، والشفاعة لغيرهم بدون إذن رب السماوات والأرض .
أما الشفاعة للمؤمنين بإذنه فهي ثابتة بالكتاب والسنة والإجماع . فنص على عدم الشفاعة للكفار بقوله : (
ولا يشفعون إلا لمن ارتضى ) [ 21 \ 28 ] ، وقد قال : (
ولا يرضى لعباده الكفر ) [ 39 \ 7 ] ، وقال تعالى عنهم مقررا له : (
فما لنا من شافعين ) [ 26 \ 100 ]
[ ص: 36 ] وقال : (
فما تنفعهم شفاعة الشافعين ) [ 74 \ 48 ] إلى غير ذلك من الآيات .
وقال في الشفاعة بدون إذنه : (
من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه ) [ 2 \ 255 ] ، وقال : (
وكم من ملك في السماوات لا تغني شفاعتهم شيئا إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى ) [ 53 \ 26 ] ، وقال : (
يومئذ لا تنفع الشفاعة إلا من أذن له الرحمن ورضي له قولا ) [ 20 \ 109 ] إلى غير ذلك من الآيات .
وادعاء شفعاء عند الله للكفار أو بغير إذنه ، من أنواع الكفر به جل وعلا ، كما صرح بذلك في قوله : (
ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله قل أتنبئون الله بما لا يعلم في السماوات ولا في الأرض سبحانه وتعالى عما ) [ 10 \ 18 ] .
تنبيه
هذا الذي قررناه من أن
الشفاعة للكفار مستحيلة شرعا مطلقا ، يستثنى منه
شفاعته صلى الله عليه وسلم لعمه أبي طالب في نقله من محل من النار إلى محل آخر منها ، كما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم في الصحيح ، فهذه الصورة التي ذكرنا من تخصيص الكتاب بالسنة .