[ ص: 493 ] قوله تعالى :
يا معشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم الآية .
قال بعض العلماء : المراد بالرسل من الجن نذرهم الذين يسمعون كلام الرسل ، فيبلغونه إلى قومهم ; ويشهد لهذا أن الله ذكر أنهم منذرون لقومهم في قوله :
وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن يستمعون القرآن فلما حضروه قالوا أنصتوا فلما قضي ولوا إلى قومهم منذرين [ 46 \ 29 ] .
وقال بعض العلماء :
رسل منكم [ 6 \ 130 ] أي : من مجموعكم الصادق بخصوص الإنس ; لأنه لا رسل من الجن ، ويستأنس لهذا القول بأن القرآن ربما أطلق فيه المجموع مرادا بعضه ، كقوله :
وجعل القمر فيهن نورا [ 71 \ 16 ] ، وقوله :
فكذبوه فعقروها [ 91 \ 14 ] ، مع أن العاقر واحد منهم ، كما بينه بقوله :
فنادوا صاحبهم فتعاطى فعقر [ 54 \ 29 ] . واعلم أن ما ذكره الحافظ
ابن كثير - رحمه الله - وغيره من أجلاء العلماء في تفسير هذه الآية : من أن قوله :
يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان [ 55 \ 22 ] يراد به البحر الملح خاصة دون العذب غلط كبير ، لا يجوز القول به ; لأنه مخالف مخالفة صريحة لكلام الله تعالى ; لأن الله ذكر البحرين الملح والعذب بقوله :
وما يستوي البحران هذا عذب فرات سائغ شرابه وهذا ملح أجاج [ 35 \ 12 ] ، ثم صرح باستخراج اللؤلؤ والمرجان منها جميعا بقوله :
ومن كل تأكلون لحما طريا وتستخرجون حلية تلبسونها ، والحلية المذكورة هي اللؤلؤ والمرجان ، فقصره على الملح مناقض للآية صريحا ، كما ترى .