واختلف العلماء أيضا في
ابن آوى ، وابن عرس ، فقال بعض العلماء بتحريم أكلهما ، وهو مذهب الإمام
أحمد ،
وأبي حنيفة - رحمهما الله تعالى - قال في " المغني " : سئل
أحمد عن ابن آوى ، وابن عرس ، فقال : كل شيء ينهش بأنيابه من السباع ، وبهذا قال
[ ص: 537 ] أبو حنيفة ، وأصحابه . اهـ .
ومذهب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي - رحمه الله - الفرق بينهما ، فابن عرس حلال عند الشافعية بلا خلاف ; لأنه ليس له ناب قوي ، فهو كالضب ، واختلف الشافعية في ابن آوى .
فقال بعضهم : يحل أكله ; لأنه لا يتقوى بنابه فهو كالأرنب .
والثاني : لا يحل ; لأنه مستخبث كريه الرائحة ، ولأنه من جنس الكلاب ، قاله
النووي ، والظاهر من مذهب
مالك كراهتهما .
وأما الوبر ، واليربوع ، فأكلهما جائز عند
مالك وأصحابه ، وهو مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، وعليه عامة أصحابه ، إلا أن في الوبر وجها عندهم بالتحريم .
وقد قدمنا أن
عمر أوجب في اليربوع جفرة ، فدل ذلك على أنه صيد ، ومشهور مذهب الإمام
أحمد أيضا جواز
أكل اليربوع ، والوبر .
وممن قال بإباحة الوبر :
عطاء ،
nindex.php?page=showalam&ids=16248وطاوس ،
ومجاهد ،
nindex.php?page=showalam&ids=16705وعمرو بن دينار ،
وابن المنذر ،
وأبو يوسف .
وممن قال بإباحة اليربوع أيضا :
عروة ،
nindex.php?page=showalam&ids=16566وعطاء الخراساني ،
nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور ،
وابن المنذر ، كما نقله عنهم صاحب " المغني " .
وقال القاضي من الحنابلة بتحريم الوبر ، قال في " المغني " : وهو قول
أبي حنيفة وأصحابه ، إلا
أبا يوسف ، وقال أيضا : إن
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبا حنيفة قال في اليربوع أيضا : هو حرام ، وروي ذلك عن
أحمد أيضا ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=16972ابن سيرين ،
والحكم ،
وحماد ; لأنه يشبه الفأر ، ونقل
النووي في " شرح المهذب " عن صاحب " البيان " عن
أبي حنيفة تحريم الوبر ، واليربوع ، والضب ، والقنفذ ، وابن عرس .
وممن قال بإباحة الخلد والضربوب : مالك وأصحابه .
وأما الأرنب : فالتحقيق أن أكلها مباح ; لما ثبت في " الصحيحين " عن أنس - رضي الله عنه - أنه - صلى الله عليه وسلم : " أهدي له عضو من أرنب فقبله " ، وفي بعض الروايات " فأكل منه " ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13439ابن قدامة في " المغني " :
أكل الأرنب nindex.php?page=showalam&ids=37سعد بن أبي وقاص ، ورخص فيها أبو سعيد ،
وعطاء ،
nindex.php?page=showalam&ids=15990وابن المسيب ،
والليث ،
ومالك ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ،
nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور ،
وابن المنذر ، ولا نعلم أحدا قائلا بتحريمها ، إلا شيئا روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=59عمرو بن العاص . اهـ .
[ ص: 538 ] وأما
الضب : فالتحقيق أيضا جواز أكله ; لما ثبت في " الصحيحين " من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر : أنه - صلى الله عليه وسلم - قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007604كلوا أو أطعموا فإنه حلال " ، وقال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007605لا بأس به ، ولكنه ليس من طعامي " ، يعني الضب ، ولما ثبت أيضا في " الصحيحين " من حديث
خالد - رضي الله عنه : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007606أنه أكل ضبا في بيت ميمونة ، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينظر إليه " ، وقد قدمنا قول صاحب " البيان " عن
أبي حنيفة بتحريم الضب .
ونقل في " المغني " عن
أبي حنيفة أيضا ،
nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري تحريم الضب ، ونقل عن
علي النهي عنه ، ولم نعلم لتحريمه مستندا ، إلا ما رواه
مسلم في " الصحيح " من حديث
جابر - رضي الله عنه : أن النبي - صلى الله عليه وسلم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007607أتي بضب ، فأبى أن يأكله " قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007608إني لا أدري لعله من القرون الأولى التي مسخت " ، وأخرج
مسلم نحوه أيضا من حديث
أبي سعيد مرفوعا ، فكأنه في هذا الحديث علل الامتناع منه باحتمال المسخ ، أو لأنه ينهش ، فأشبه ابن عرس ، ولكن هذا لا يعارض الأدلة الصحيحة الصريحة التي قدمناها بإباحة أكله ، وكان بعض العرب يزعمون أن الضب من الأمم التي مسخت ، كما يدل له قول الراجز : [ الرجز ]
قالت وكنت رجلا فطينا هذا لعمر الله إسرائينا
فإن هذه المرأة العربية أقسمت على أن الضب إسرائيلي مسخ .