[ ص: 3 ] بسم الله الرحمن الرحيم سورة الأعراف
قوله تعالى : فلا يكن في صدرك حرج منه الآية .
قال
مجاهد ،
وقتادة ،
والسدي :
حرج أي شك ، أي لا يكن في صدرك شك في كون هذا القرآن حقا ، وعلى هذا القول فالآية ، كقوله تعالى :
الحق من ربك فلا تكونن من الممترين [ 2 \ 147 ] وقوله :
الحق من ربك فلا تكن من الممترين [ 3 \ 60 ] ، وقوله :
فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك فاسأل الذين يقرءون الكتاب من قبلك لقد جاءك الحق من ربك فلا تكونن من الممترين [ 10 \ 49 ] .
والممتري : هو الشاك ; لأنه مفتعل من المرية وهي الشك ، وعلى هذا القول فالخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم .
والمراد نهي غيره عن الشك في القرآن ، كقول الراجز : [ الرجز ]
إياك أعني واسمعي يا جارة
وكقوله تعالى :
ولا تطع منهم آثما أو كفورا [ 76 \ 24 ] ، وقوله :
لئن أشركت ليحبطن عملك [ 39 \ 65 ] ، وقوله :
ولئن اتبعت أهواءهم الآية [ 2 \ 120 و 145 ] و [ 13 \ 137 ] .
ومعلوم أنه صلى الله عليه وسلم لا يفعل شيئا من ذلك ، ولكن الله يخاطبه ليوجه الخطاب إلى غيره في ضمن خطابه صلى الله عليه وسلم .
وجمهور العلماء : على أن المراد بالحرج في الآية الضيق . أي لا يكن في صدرك ضيق عن تبليغ ما أمرت به لشدة تكذيبهم لك ، لأن تحمل عداوة الكفار ، والتعرض لبطشهم مما يضيق به الصدر ، وكذلك تكذيبهم له صلى الله عليه وسلم مع وضوح صدقه بالمعجزات الباهرات مما يضيق به الصدر . وقد قال صلى الله عليه وسلم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007619إذا يثلغوا رأسي فيدعوه خبزة " ، أخرجه
مسلم . والثلغ : الشدخ ، وقيل ضرب الرطب باليابس حتى ينشدخ ، وهذا البطش مما
[ ص: 4 ] يضيق به الصدر .
ويدل لهذا الوجه الأخير في الآية قوله تعالى :
فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك وضائق به صدرك [ 11 \ 12 ] ، وقوله :
ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون [ 15 \ 97 ] ، وقوله :
فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا [ 181 \ 6 ] وقوله :
لعلك باخع نفسك ألا يكونوا مؤمنين [ 26 \ 3 ] .
ويؤيد الوجه الأخير في الآية أن الحرج في لغة العرب : الضيق . وذلك معروف في كلامهم ، ومنه قوله تعالى :
ليس على الأعمى حرج [ 24 \ 61 ] ، وقوله :
وما جعل عليكم في الدين من حرج [ 22 \ 78 ] ، وقوله :
يجعل صدره ضيقا حرجا [ 6 \ 125 ] ، أي : شديد الضيق ، إلى غير ذلك من الآيات ، ومنه قول
nindex.php?page=showalam&ids=16674عمر بن أبي ربيعة ، أو جميل : [ الكامل ]
فخرجت خوف يمينها فتبسمت فعلمت أن يمينها لم تحرج
وقول
العرجي [ السريع ] :
عوجي علينا ربة الهودج إنك إلا تفعلي تحرجي
والمراد بالإحراج في البيتين :
الإدخال في الحرج . بمعنى الضيق كما ذكرنا .