المسألة الثالثة : اختلف العلماء في
زكاة الحلي المباح ، فذهب جماعة من أهل العلم إلى أنه لا زكاة فيه ، وممن قال به :
مالك ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ،
وأحمد في أصح قوليهما ، وبه قال
nindex.php?page=showalam&ids=12عبد الله بن عمر بن الخطاب ،
nindex.php?page=showalam&ids=36وجابر بن عبد الله ،
nindex.php?page=showalam&ids=9وأنس بن مالك ،
وعائشة ،
nindex.php?page=showalam&ids=64وأسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهم ،
nindex.php?page=showalam&ids=15990وسعيد بن المسيب ،
nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير ،
وقتادة ،
nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء بن أبي رباح ،
ومجاهد ،
nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي ،
nindex.php?page=showalam&ids=17002ومحمد بن علي ،
nindex.php?page=showalam&ids=14946والقاسم بن محمد ،
nindex.php?page=showalam&ids=16972وابن سيرين ،
nindex.php?page=showalam&ids=12300والزهري ،
وإسحاق ،
nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور ،
وأبو عبيد ،
وابن المنذر .
وممن قال بأن الحلي المباح تجب فيه الزكاة :
أبو حنيفة رحمه الله ، وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس ، وبه قال
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود ،
nindex.php?page=showalam&ids=13وعبد الله بن عمرو بن العاص ،
nindex.php?page=showalam&ids=17188وميمون بن مهران ،
nindex.php?page=showalam&ids=11867وجابر بن زيد ،
nindex.php?page=showalam&ids=14117والحسن بن صالح ،
nindex.php?page=showalam&ids=16004وسفيان الثوري ،
وداود ، وحكاه
ابن المنذر أيضا عن
nindex.php?page=showalam&ids=15990ابن المسيب ،
nindex.php?page=showalam&ids=13033وابن جبير ،
وعطاء ،
ومجاهد ،
nindex.php?page=showalam&ids=16972وابن سيرين ،
nindex.php?page=showalam&ids=16439وعبد الله بن شداد ،
nindex.php?page=showalam&ids=12300والزهري .
وسنذكر إن شاء الله تعالى حجج الفريقين ، ومناقشة أدلتهما على الطرق المعروفة في الأصول ، وعلم الحديث ; ليتبين للناظر الراجح من الخلاف .
اعلم أن من قال بأن الحلي المباح لا زكاة فيه ، تنحصر حجته في أربعة أمور :
الأول : حديث جاء بذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم .
الثاني : آثار صحيحة عن بعض الصحابة يعتضد بها الحديث المذكور .
الثالث : القياس .
الرابع : وضع اللغة .
أما الحديث : فهو ما رواه
البيهقي في معرفة السنن والآثار من طريق
عافية بن أيوب ، عن
الليث ، عن
أبي الزبير ، عن
جابر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007720لا زكاة في الحلي " .
قال
البيهقي : وهذا الحديث لا أصل له ، إنما روي عن
جابر من قوله غير مرفوع ، والذي يروى عن
عافية بن أيوب ، عن
الليث ، عن
أبي الزبير ، عن
جابر مرفوعا لا أصل له ،
وعافية بن أيوب مجهول : فمن احتج به مرفوعا ، كان مغررا بدينه ، داخلا
[ ص: 127 ] فيما نعيب به المخالفين من الاحتجاج برواية الكذابين ، والله يعصمنا من أمثال هذا .
قال مقيده عفا الله عنه : ما قاله الحافظ
البيهقي - رحمه الله تعالى - من أن الحكم برواية
عافية المذكور لهذا الحديث مرفوعا من جنس الاحتجاج برواية الكذابين فيه نظر ; لأن
عافية المذكور لم يقل فيه أحد إنه كذاب ، وغاية ما في الباب أن
البيهقي ظن أنه مجهول ; لأنه لم يطلع على كونه ثقة ، وقد اطلع غيره على أنه ثقة فوثقه ، فقد نقل
nindex.php?page=showalam&ids=16328ابن أبي حاتم توثيقه ، عن
أبي زرعة ، قال
ابن حجر في " التلخيص " :
عافية بن أيوب ، قيل : ضعيف ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11890ابن الجوزي : ما نعلم فيه جرحا ، وقال
البيهقي ، مجهول ، ونقل
nindex.php?page=showalam&ids=16328ابن أبي حاتم توثيقه عن
أبي زرعة .
ولا يخفى أن من قال إنه مجهول يقدم عليه من قال إنه ثقة ; لأنه اطلع على ما لم يطلع عليه مدعي أنه مجهول ، ومن حفظ حجة على من لم يحفظ ، والتجريح لا يقبل مع الإجمال ،
فعافية هذا وثقه
أبو زرعة ، والتعديل والتجريح يكفي فيهما واحد على الصحيح في الرواية دون الشهادة ، قال
العراقي في ألفيته : [ الرجز ]
وصححوا اكتفاءهم بالواحد جرحا وتعديلا خلاف الشاهد والتعديل يقبل مجملا
بخلاف الجرح للاختلاف في أسبابه
قال
العراقي في ألفيته : [ الرجز ]
وصححوا قبول تعديل بلا ذكر لأسباب له أن تثقلا
ولم يروا قبول جرح أبهما للخلف في أسبابه وربما استفسر
الجرح فلم يقدح كما فسره
شعبة بالركض فما هذا الذي عليه حفاظ الأثر كشيخي الصحيح مع أهل النظر إلخ . . .
وهذا هو الصحيح ، فلا شك أن قول
البيهقي في
عافية : إنه مجهول أولى منه بالتقديم قول
أبي زرعة : إنه ثقة ; لأن من حفظ حجة على من لم يحفظ ، وإذا ثبت الاستدلال بالحديث المذكور ، فهو نص في محل النزاع .
ويؤيد ما ذكر من توثيق
عافية المذكور أن
nindex.php?page=showalam&ids=11890ابن الجوزي مع سعة اطلاعه ، وشدة بحثه عن الرجال ، قال : إنه لا يعلم فيه جرحا .
وأما الآثار الدالة على ذلك : فمنها ما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=16867الإمام مالك في " الموطأ " ، عن
[ ص: 128 ] عبد الرحمن بن القاسم ، عن أبيه : " أن
عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم كانت تلي بنات أخيها يتامى في حجرها لهن الحلي ، فلا تخرج من حليهن الزكاة " ، وهذا الإسناد عن
عائشة في غاية الصحة ، كما ترى .
ومنها ما رواه
مالك في " الموطأ " أيضا ، عن
نافع ، عن
عبد الله بن عمر أنه كان يحلي بناته وجواريه الذهب ، ثم لا يخرج من حليهن الزكاة ، وهذا الإسناد عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر رضي الله عنهما في غاية الصحة كما ترى .
وما قاله بعض أهل العلم من أن المانع من الزكاة في الأول أنه مال يتيمة ، وأنه لا تجب
الزكاة على الصبي ، كما لا تجب عليه الصلاة ، مردود بأن
عائشة ترى وجوب
الزكاة في أموال اليتامى ، فالمانع من إخراجها الزكاة ، كونه حليا مباحا على التحقيق ، لا كونه مال يتيمة ، وكذلك دعوى أن المانع
nindex.php?page=showalam&ids=12لابن عمر من زكاة الحلي أنه لجوار مملوكات ، وأن المملوك لا زكاة عليه ، مردود أيضا بأنه كان لا يزكي حلي بناته مع أنه كان يزوج البنت له على ألف دينار يحليها منها بأربعمائة ، ولا يزكي ذلك الحلي ، وتركه لزكاته لكونه حليا مباحا على التحقيق .
ومن الآثار الواردة في ذلك ما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، أنا
سفيان ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16705عمرو بن دينار ، سمعت رجلا يسأل
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله عن الحلي ، فقال " زكاته عاريته " ، ذكره
البيهقي في " السنن الكبرى " ،
nindex.php?page=showalam&ids=16609وابن حجر في " التلخيص " وزاد
البيهقي ، فقال : وإن كان يبلغ ألف دينار فقال
جابر : كثير .
ومنها ما رواه
البيهقي عن
علي بن سليم قال : سألت
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بن مالك عن الحلي ، فقال : ليس فيه زكاة .
ومنها ما رواه
البيهقي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=64أسماء بنت أبي بكر أنها كانت تحلي بناتها الذهب ولا تزكيه نحوا من خمسين ألفا .
وأما القياس فمن وجهين :
الأول : أن الحلي لما كان لمجرد الاستعمال لا للتجارة والتنمية ، ألحق بغيره من الأحجار النفيسة كاللؤلؤ والمرجان ، بجامع أن كلا معد للاستعمال لا للتنمية ، وقد أشار إلى هذا الإلحاق
مالك رحمه الله في " الموطأ " بقوله : فأما التبر والحلي المكسور الذي يريد أهله إصلاحه ولبسه ، فإنما هو بمنزلة المتاع الذي يكون عند أهله ،
[ ص: 129 ] فليس على أهله فيه زكاة ، قال
مالك : ليس في اللؤلؤ ، ولا في المسك ، والعنبر زكاة .
الثاني من وجهي القياس : هو النوع المعروف بقياس العكس ، وأشار له في " مراقي السعود " بقوله في كتاب الاستدلال : [ الرجز ]
منه قياس المنطقي والعكس ومنه فقد الشرط دون لبس
وخالف بعض العلماء في قبول هذا النوع من القياس ، وضابطه : هو إثبات عكس حكم شيء لشيء آخر لتعاكسهما في العلة ، ومثاله حديث
مسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007721أيأتي أحدنا شهوته وله فيها أجر ؟ ! قال : " أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه وزر ؟ " الحديث ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث : أثبت في الجماع المباح أجرا ، وهو حكم عكس حكم الجماع الحرام ; لأن فيه الوزر ; لتعاكسهما في العلة ; لأن علة الأجر في الأول إعفاف امرأته ونفسه ، وعلة الوزر في الثاني كونه زنى .
ومن أمثلة هذا النوع من القياس عند المالكية : احتجاجهم على أن الوضوء لا يجب من كثير القيء ، بأنه لما لم يجب من قليله لم يجب من كثيره عكس البول لما وجب من قليله وجب من كثيره .
ومن أمثلته عند الحنفية ، قولهم : لما لم يجب القصاص من صغير المثقل ، لم يجب من كبيره عكس المحدد لما وجب من صغيره وجب من كبيره .
ووجه هذا النوع من القياس في هذه المسألة التي نحن بصددها ، هو أن العروض لا تجب في عينها الزكاة ، فإذا كانت للتجارة والنماء ، وجبت فيها الزكاة عكس العين ، فإن الزكاة واجبة في عينها ، فإذا صيغت حليا مباحا للاستعمال ، وانقطع عنها قصد التنمية بالتجارة ، صارت لا زكاة فيها ، فتعاكست أحكامها لتعاكسهما في العلة ، ومنع هذا النوع من القياس بعض الشافعية ، وقال
ابن محرز : إنه أضعف من قياس الشبه ، ولا يخفى أن القياس يعتضد به ما سبق من الحديث المرفوع ، والآثار الثابتة عن بعض الصحابة ، لما تقرر في الأصول ، من أن موافقة النص للقياس من المرجحات ، وأما وضع اللغة ، فإن بعض العلماء يقول : الألفاظ الواردة في الصحيح في زكاة العين لا تشمل الحلي في لسان العرب .
قال
أبو عبيد : الرقة عند العرب : الورق المنقوشة ذات السكة السائرة بين الناس ، ولا تطلقها العرب على المصوغ ، وكذلك قيل في الأوقية .
[ ص: 130 ] قال مقيده عفا الله عنه : ما قاله
أبو عبيد هو المعروف في كلام العرب ، قال
الجوهري في " صحاحه " : الورق الدراهم المضروبة ، وكذلك الرقة ، والهاء عوض عن الواو ، وفي " القاموس " : الورق - مثلثة - وككتف : الدراهم المضروبة ، وجمعه أوراق ووراق كالرقة .
هذا هو حاصل حجة من قال : لا زكاة في الحلي .
وما ادعاه بعض أهل العلم من الاحتجاج لذلك بعمل
أهل المدينة ، فيه أن بعض
أهل المدينة مخالف في ذلك ، والحجة بعمل
أهل المدينة عند من يقول بذلك -
مالك - إنما هي في إجماعهم على أمر لا مجال للرأي فيه ، لا إن اختلفوا ، أو كان من مسائل الاجتهاد ، كما أشار له في " مراقي السعود " ، بقوله : [ الرجز ]
وأوجبن حجية للمدني فيما على التوقيف أمره بني
وقيل : مطلقا . . إلخ .
لأن مراده بالمدني : الإجماع المدني الواقع من الصحابة أو التابعين ، لا ما اختلفوا فيه كهذه المسألة ، وقيده بما بني على التوقيف دون مسائل الاجتهاد في القول الصحيح .
وأما
حجة القائلين بأن الحلي تجب فيه الزكاة : فهي منحصرة في أربعة أمور أيضا :
الأول : أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أوجب الزكاة في الحلي .
الثاني : آثار وردت بذلك عن بعض الصحابة .
الثالث : وضع اللغة .
الرابع : القياس .
أما الأحاديث الواردة بذلك ، فمنها ما رواه
أبو داود في " سننه " ، حدثنا
أبو كامل ،
وحميد بن مسعدة " المعنى " أن
nindex.php?page=showalam&ids=15792خالد بن الحارث حدثهم : ثنا
حسين ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16709عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007722 " أن امرأة أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومعها ابنة لها ، وفي يد ابنتها مسكتان غليظتان من ذهب ، فقال لها : " أتعطين زكاة هذا ؟ " قالت : لا ، قال : " أيسرك أن يسورك الله بهما يوم القيامة سوارين من نار ؟ ! " قال : فخلعتهما ، فألقتهما إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقالت : هما لله عز وجل ولرسوله " .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي في سننه : أخبرنا
إسماعيل بن مسعود ، قال حدثنا
خالد ، عن
حسين ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16709عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007723 " أن امرأة من أهل اليمن أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم [ ص: 131 ] وبنت لها ، في يد ابنتها مسكتان غليظتان من ذهب فقال : " أتؤدين زكاة هذا ؟ " قالت : لا ، قال : " أيسرك أن يسورك الله عز وجل بهما يوم القيامة سوارين من نار ؟ ! " قال : فخلعتهما ، فألقتهما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالت : هما لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم .
أخبرنا
محمد بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17116المعتمر بن سليمان ، قال : سمعت
حسينا ، قال : حدثني
nindex.php?page=showalam&ids=16709عمرو بن شعيب ، قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007724جاءت امرأة ، ومعها بنت لها ، وفي يد ابنتها مسكتان ، نحوه ، مرسل . قال
أبو عبد الرحمن :
خالد أثبت من
nindex.php?page=showalam&ids=17116المعتمر . اهـ .
وهذا الحديث الذي أخرجه
أبو داود ،
nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=15716حسين المعلم ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16709عمرو بن شعيب أقل درجاته
الحسن ، وبه تعلم أن قول
الترمذي رحمه الله : لا يصح في الباب شيء غير صحيح ; لأنه لم يعلم برواية
nindex.php?page=showalam&ids=15716حسين المعلم له عن
nindex.php?page=showalam&ids=16709عمرو بن شعيب ، بل جزم بأنه لم يرو عن
nindex.php?page=showalam&ids=16709عمرو بن شعيب إلا من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16457ابن لهيعة ،
والمثنى بن الصباح ، وقد تابعهما
nindex.php?page=showalam&ids=15689حجاج بن أرطاة والجميع ضعاف .
ومنها ما رواه
أبو داود أيضا ، حدثنا
محمد بن عيسى ، ثنا
عتاب يعني ابن بشير ، عن
ثابت بن عجلان ، عن
عطاء ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007725عن nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة ، قالت : كنت ألبس أوضاحا من ذهب فقلت : يا رسول الله أكنز هو ؟ فقال : " ما بلغ أن تؤدي زكاته ، فزكي فليس بكنز " ، وأخرج نحوه
الحاكم ،
nindex.php?page=showalam&ids=14269والدارقطني ،
والبيهقي . اهـ .
ومنها ما رواه
أبو داود أيضا ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=11970محمد بن إدريس الرازي ، ثنا
عمرو بن الربيع بن طارق ، ثنا
يحيى بن أيوب ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16519عبيد الله بن أبي جعفر : أن
nindex.php?page=showalam&ids=17003محمد بن عمرو بن عطاء أخبره ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16439عبد الله بن شداد بن الهاد أنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007726دخلنا على nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأى في يدي فتخات من ورق ، فقال : " ما هذا يا عائشة ؟ ! " ، فقلت : صنعتهن أتزين لك يا رسول الله ، قال : " أتؤدين زكاتهن ؟ " قلت : لا ، أو ما شاء الله ، قال : " هو حسبك من النار " .
حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16229صفوان بن صالح ، ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15500الوليد بن مسلم ، ثنا
سفيان ، عن
عمر بن يعلى ، فذكر الحديث نحو حديث الخاتم ، قيل
لسفيان : كيف تزكيه ؟ قال : تضمه إلى غيره . اهـ .
وحديث
عائشة هذا أخرج نحوه أيضا
الحاكم ،
nindex.php?page=showalam&ids=14269والدارقطني ،
والبيهقي . اهـ .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني ، عن
عائشة ، من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16709عمرو بن شعيب ، عن
عروة عنها ، قالت : لا بأس بلبس الحلي إذا أعطي زكاته . اهـ .
[ ص: 132 ] قال
البيهقي رحمه الله :
وقد انضم إلى حديث
nindex.php?page=showalam&ids=16709عمرو بن شعيب حديث
nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة ، وحديث
عائشة ، وساقهما .
ومنها ما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=10382أسماء بنت يزيد بلفظ : قالت :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007727 " دخلت أنا وخالتي على النبي صلى الله عليه وسلم ، وعلينا أساور من ذهب فقال لنا : " أتعطيان زكاته ؟ " ، فقلنا : لا ، قال : " أما تخافان أن يسوركما الله بسوار من نار ؟ ! أديا زكاته " . اهـ .
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني نحوه من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=11129فاطمة بنت قيس ، وفي سنده
أبو بكر الهذلي ، وهو متروك ، اهـ . قاله
ابن حجر في " التلخيص " .
وأما الآثار : فمنها ما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة ،
والبيهقي من طريق
شعيب بن يسار قال : كتب
عمر إلى
أبي موسى : أن مر من قبلك من نساء المسلمين أن يصدقن من حليهن . اهـ .
قال
البيهقي : هذا مرسل ،
شعيب بن يسار لم يدرك
عمر . اهـ .
وقال
ابن حجر في " التلخيص " : وهو مرسل ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ، وقد أنكر
الحسن ذلك فيما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة قال : لا نعلم أحدا من الخلفاء قال : " في الحلي زكاة " .
ومنها ما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني ،
والبيهقي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود : أن امرأته سألته ، عن حلي لها ، فقال : إذا بلغ مائتي درهم ففيه الزكاة ، قالت : أضعها في بني أخ لي في حجري ؟ قال : نعم .
قال
البيهقي : وقد روي هذا مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وليس بشيء ، وقال : قال
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : مرسل ، ورواه
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود مرفوعا ، وقال : هذا وهم والصواب موقوف . قاله
ابن حجر في " التلخيص " .
ومنها ما رواه
البيهقي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16709عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده : أنه كان يكتب إلى خازنه
سالم ، أن يخرج زكاة حلي بناته كل سنة ، وما روي من ذلك عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : لا أدري أيثبت عنه أم لا ؟ وحكاه
ابن المنذر ،
والبيهقي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ،
nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر ، وغيرهما . قاله في " التلخيص " أيضا .
وأما القياس : فإنهم قاسوا الحلي على المسكوك والمسبوك بجامع أن الجميع نقد .
وأما وضع اللغة : فزعموا أن لفظ الرقة ، ولفظ الأوقية الثابت في الصحيح يشمل
[ ص: 133 ] المصوغ كما يشمل المسكوك ، وقد قدمنا أن التحقيق خلافه .
فإذا علمت حجج الفريقين ، فسنذكر لك ما يمكن أن يرجع به كل واحد منهما .
أما القول بوجوب زكاة الحلي ، فله مرجحات :
منها : أن من رواه من الصحابة عن النبي صلى الله عليه وسلم أكثر ، كما قدمنا روايته عن
nindex.php?page=showalam&ids=13عبد الله بن عمرو بن العاص ،
وعائشة ،
nindex.php?page=showalam&ids=54وأم سلمة ،
nindex.php?page=showalam&ids=10382وأسماء بنت يزيد ، رضي الله عنهم .
أما القول بعدم وجوب الزكاة فيه ، فلم يرو مرفوعا إلا من حديث
جابر ، كما تقدم .
وكثرة الرواة من المرجحات على التحقيق ، كما قدمنا في سورة " البقرة " في الكلام على آية الربا .
ومنها : أن أحاديثه كحديث
nindex.php?page=showalam&ids=16709عمرو بن شعيب ، ومن ذكر معه أقوى سندا من حديث سقوط الزكاة الذي رواه
عافية بن أيوب .
ومنها : أن ما دل على الوجوب مقدم على ما دل على الإباحة ; للاحتياط في الخروج من عهدة الطلب كما تقرر في الأصول ، وإليه الإشارة بقول صاحب " مراقي السعود " في مبحث الترجيح باعتبار المدلول : [ الرجز ]
وناقل ومثبت والآمر بعد النواهي ثم هذا الآخر
على إباحة . . . إلخ .
ومعنى قوله : "
ثم هذا الآخر على إباحة
" أن ما دل على الأمر مقدم على ما دل على الإباحة كما ذكرنا .
ومنها : دلالة النصوص الصريحة على وجوب الزكاة في أصل الفضة ، والذهب ، وهي دليل على أن الحلي من نوع ما وجبت الزكاة في عينه ، هذا حاصل ما يمكن أن يرجح به هذا القول .
وأما القول بعدم وجوب الزكاة في الحلي المباح ، فيرجح بأن الأحاديث الواردة في التحريم إنما كانت في الزمن الذي كان فيه التحلي بالذهب محرما على النساء ، والحلي المحرم تجب فيه الزكاة اتفاقا .
وأما أدلة عدم الزكاة فيه ، فبعد أن صار التحلي بالذهب مباحا .
والتحقيق : أن
التحلي بالذهب كان في أول الأمر محرما على النساء ، ثم أبيح ، كما يدل له ما ساقه
البيهقي من أدلة تحريمه أولا وتحليله ثانيا ، وبهذا يحصل الجمع بين
[ ص: 134 ] الأدلة ، والجمع واجب إن أمكن كما تقرر في الأصول وعلوم الحديث ، وإليه الإشارة بقول صاحب " مراقي السعود " : [ الرجز ]
والجمع واجب متى ما أمكنا إلا فللأخير نسخ بينا
ووجهه ظاهر ; لأن إعمال الدليلين أولى من إلغاء أحدهما ، ومعلوم أن الجمع إذا أمكن أولى من جميع الترجيحات .
فإن قيل : هذا الجمع يقدح فيه حديث
عائشة المتقدم ، فإن فيه " فرأى في يدي فتخات من ورق " الحديث .
والورق : الفضة ، والفضة لم يسبق لها تحريم ، فالتحلي بها لم يمتنع يوما ما .
فالجواب ما قاله الحافظ
البيهقي - رحمه الله تعالى - قال : من قال : لا زكاة في الحلي ، زعم أن الأحاديث والآثار الواردة في وجوب زكاته كانت حين كان التحلي بالذهب حراما على النساء ، فلما أبيح لهن سقطت زكاته .
قال : وكيف يصح هذا القول مع حديث
عائشة ، إن كان ذكر الورق فيه محفوظا ، غير أن رواية
القاسم ،
nindex.php?page=showalam&ids=12531وابن أبي مليكة ، عن
عائشة في تركها إخراج زكاة الحلي مع ما ثبت من مذهبها من إخراج زكاة أموال اليتامى - يوقع ريبة في هذه الرواية المرفوعة ، فهي لا تخالف النبي صلى الله عليه وسلم فيما روته عنه ، إلا فيما علمته منسوخا . اهـ .
وقد قدمنا في سورة " البقرة " الكلام على مخالفة الصحابي لما روي في آية الطلاق ، وبالجملة فلا يخفى أنه يبعد أن تعلم
عائشة أن عدم زكاة الحلي فيه الوعيد من النبي لها بأنه حسبها من النار ، ثم تترك إخراجها بعد ذلك عمن في حجرها ، مع أنها معروف عنها القول بوجوب الزكاة في أموال اليتامى .
ومن أجوبة أهل هذا القول : أن المراد بزكاة الحلي عاريته ، ورواه
البيهقي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ،
nindex.php?page=showalam&ids=15990وسعيد بن المسيب ،
nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي ، في إحدى الروايتين عنه .
هذا حاصل الكلام في هذه المسألة .
وأقوى الوجوه بحسب المقرر في الأصول وعلم الحديث : الجمع إذا أمكن ، وقد أمكن هنا .
قال مقيده عفا الله عنه : وإخراج زكاة الحلي أحوط ; لأن "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007728من اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه " - "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007221دع ما يريبك إلى ما لا يريبك " ، والعلم عند الله تعالى .