[ ص: 153 ] قوله تعالى :
فقد لبثت فيكم عمرا من قبله أفلا تعقلون .
في هذه الآية الكريمة حجة واضحة على كفار
مكة ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يبعث إليهم رسولا حتى لبث فيهم عمرا من الزمن ، وقدر ذلك أربعون سنة ، فعرفوا صدقه ، وأمانته ، وعدله ، وأنه بعيد كل البعد من أن يكون كاذبا على الله تعالى ، وكانوا في الجاهلية يسمونه الأمين ، وقد ألقمهم الله حجرا بهذه الحجة في موضع آخر ، وهو قوله :
أم لم يعرفوا رسولهم فهم له منكرون [ 23 \ 69 ] ولذا لما سأل
هرقل ملك
الروم أبا سفيان ، ومن معه عن
صفاته صلى الله عليه وسلم ، قال
هرقل لأبي سفيان : هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال ؟ قال
أبو سفيان : فقلت : لا ، وكان
أبو سفيان في ذلك الوقت زعيم الكفار ، ورأس المشركين ومع ذلك اعترف بالحق ، والحق ما شهدت به الأعداء .
فقال له
هرقل : فقد أعرف أنه لم يكن ليدع الكذب على الناس ، ثم يذهب فيكذب على الله . اهـ .
ولذلك وبخهم الله تعالى بقوله هنا :
أفلا تعقلون [ 10 \ 16 ] .