قوله تعالى :
قل من يرزقكم من السماء والأرض أمن يملك السمع والأبصار ومن يخرج الحي من الميت إلى قوله :
فقل أفلا تتقون .
صرح الله تعالى في هذه الآية الكريمة ، بأن الكفار يقرون بأنه جل وعلا ، هو ربهم الرزاق المدبر للأمور المتصرف في ملكه بما يشاء ، وهو صريح في اعترافهم بربوبيته ، ومع هذا أشركوا به جل وعلا .
والآيات الدالة على أن المشركين مقرون بربوبيته جل وعلا ولم ينفعهم ذلك لإشراكهم معه غيره في حقوقه جل وعلا - كثيرة ، كقوله :
ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله [ 43 \ 87 ] ، وقوله :
ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن خلقهن العزيز العليم [ 43 \ 9 ] ، وقوله :
قل لمن الأرض ومن فيها إن كنتم تعلمون سيقولون لله [ 23 \ 84 ، 85 ] إلى قوله :
فأنى تسحرون إلى غير ذلك من الآيات ، ولذا قال تعالى :
وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون [ 12 \ 106 ] .
والآيات المذكورة صريحة في أن
الاعتراف بربوبيته جل وعلا لا يكفي في الدخول في دين الإسلام إلا بتحقيق معنى لا إله إلا الله نفيا وإثباتا ، وقد أوضحناه في سورة
[ ص: 155 ] " الفاتحة " في الكلام على قوله تعالى :
إياك نعبد [ 1 \ 5 ] .
أما تجاهل
فرعون - لعنه الله - لربوبيته جل وعلا ، في قوله :
قال فرعون وما رب العالمين [ 26 \ 23 ] فإنه تجاهل عارف ; لأنه عبد مربوب ، كما دل عليه قوله تعالى :
قال لقد علمت ما أنزل هؤلاء إلا رب السماوات والأرض بصائر الآية [ 17 \ 102 ] ، وقوله :
وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا [ 27 \ 14 ] .